هو ذا، الفتيان والصبايا يمشون الهويناء نحو الكروم فهلا نهضت، ومشيت معهم؟ قم يا قلبي، قم وسر مع الفجر فالليل قد مضى، ومخاوف الليل قد اضمحلت مع أحلامه السوداء.
قم يا قلبي، وارفع صوتك مترنما، فمن لا يشارك الصبح بأغانيه كان من أبناء الظلام.
المخدرات والمباضع
«هو متطرف بمبادئه حتى الجنون». «هو خيالي يكتب؛ ليفسد أخلاق الناشئة». «لو اتبع الرجال، والنساء المتزوجون، وغير المتزوجين آراء جبران في الزواج؛ لتقوضت أركان العائلة، وانهدمت مباني الجامعة البشرية، وأصبح هذا العالم جحيما، وسكانه شياطين». «قهرا عما في أسلوبه الكتابي من الجمال، فهو من أعداء الإنسانية». «هو فوضوي كافر ملحد، ونحن ننصح لسكان هذا الجبل المبارك، بأن ينبذوا تعاليمه ويحرقوا مؤلفاته؛ لئلا يعلق منها شيء على نفوسهم». «قد قرأنا له الأجنحة المتكسرة فوجدناها السم في الدسم». •••
هذا بعض ما يقوله الناس عني وهم مصيبون، فأنا متطرف حتى الجنون، أميل إلى الهدم ميلي إلى البناء، وفي قلبي كره لما يقدسه الناس، وحب لما يأبونه، ولو كان بإمكاني استئصال عوائد البشر وعقائدهم وتقاليدهم لما ترددت دقيقة، أما قول بعضهم: إن كتاباتي «سم في دسم» فكلام يبين الحقيقة من وراء نقاب كثيف، فالحقيقة العارية هي أنني لا أمزج «السم» بالدسم؛ بل أسكبه صرفا ... غير أنني أسكبه في كؤوس نظيفة شفافة.
أما الذين يعتذرون عني أمام نفوسهم قائلين «هو خيالي يسبح مرفرفا بين الغيوم» فهم الذين يحدقون بلمعان تلك الكئوس الشفافة منصرفين عما في داخلها من الشراب الذي يدعونه «سما» لأن معدهم الضعيفة لا تهضمه.
قد تدل هذه التوطئة على الوقاحة الخشنة، ولكن أليست الوقاحة بخشونتها أفضل من الخيانة بنعومتها؟ إن الوقاحة تظهر نفسها بنفسها، أما الخيانة فترتدى بملابس فصلت لغيرها.
يطلب الشرقيون من الكاتب أن يكون كالنحلة التي تطوف مرفرفة في الحقول جامعة حلاوة الأزهار لتصنع أقراصا من العسل.
إن الشرقيين يحبون العسل، ولا يستطيعون سواه مأكلا، وقد أفرطوا بالتهامه حتى تحولت نفوسهم إلى عسل تسيل أمام النار، ولا تتجمد إلا إذا وضعت على الثلج.
ويطلب الشرقيون من الشاعر أن يحرق نفسه بخورا أمام سلاطينهم، وحكامهم، وبطاركتهم. وقد تلبد فضاء الشرق بغيوم البخور المتصاعدة من جوانب العروش، والمذابح، والمقابر، ولكنهم لا يكتفون؛ ففي أيامنا هذه مداحون يضارعون المتنبي، وراثون يضاهون الخنساء، ومهنئون أكثر طلاوة من صفي الدين الحلي.
Bog aan la aqoon