ووقفت في ساحتها معلنا للناس ما جلبت لهم من ثمار الأرض، وطرائفها فكانوا ينظرون إلي، والضحك ملء أفواههم، والسخرية على وجوههم، ثم يتحولون عني.
فعدت إلى الميناء كئيبا مستغربا، ولكنني ما لمحت سفينتي حتى فطنت لأمر كنت مشغولا عنه بمنازع أسفاري، ورغائبها، فهتفت قائلا: «إن أمواج البحار قد محت الطلاء من جوانب سفينتي، فبانت كهيكل من عظام، وعفت الأرياح، والأنواء، وحرارة الشمس الرسوم عن شرائعها فظهرت كأثواب رمادية بالية.
لقد جمعت طرائف الأرض، ونفائسها في تابوت يعوم على وجه الماء، وعدت إلى قومي فنبذوني؛ لأن عيونهم لا ترى سوى المظاهر الخارجية.
في تلك الساعة تركت سفينة فكرتي، وذهبت إلى مدينة الأموات، وجلست بين القبور المكلسة مفكرا بأسرارها.
اسكت يا قلبي، حتى الصباح، اسكت فالعاصفة الهوجاء تسخر بهمس أعمالك، وكهوف الوادي لن ترجع بصداها رنات أوتارك.
اسكت يا قلبي، حتى الصباح، فمن يترقب الصباح متجلدا؛ يعانقه الصباح مشتاقا.
ها قد طلع الفجر يا قلبي، فتكلم إن كنت تستطيع الكلام.
هو ذا موكب الصباح يا قلبي، فهل أبقى سكوت الليل في أعماقك أغنية تلاقي بها الصباح؟
هو ذا، أسراب الحمام والشحارير تتطاير في أطراف الوادي، فهل أبقى هول الليل في جنحيك صلابة لتطير معها؟
هو ذا، الرعيان يسيرون أمام قطعانهم من الحظائر، والمرابض فهل أبقت لك أشباح الليل عزما لتسير ورائها إلى المروج الخضراء؟
Bog aan la aqoon