181

Casjad Masbuk

العسجد المسبوك والجوهر المحكوك في طبقات الخلفاء والملوك

Noocyada

كان ظهور 1 التتر على بلاد الاسلام، وهم نوع كثير من الترك ومساكنهم جبال طمغاج 2 من نحو الصين بينها وبين بلاد الاسلام ما يزيد على ستة اشهر وكان ملكهم جنكز خان 3 قد سير جماعة 4 من التجار ومعهم شيء كثير من النقرة 5 والقندر الى سمرقند وبخارا ليشتروا له ثيابا للكسوة فلما دخلوا طرف بلاد 6 الاسلام ارسل امير تلك المدينة الى خوارزمشاه يعلمه بهم، وبما معهم من الاموال، فأمر خوارزم شاه 7 بقتلهم، واخذ ما معهم فقتلهم وسير ما معهم من المال الى خوارزمشاه وكان شيئا كثيرا ففرقه خوارزمشاه على تجار بخارا وسمرقند واخذ ثمنه منهم. وارسل خوارزمشاه جواسيس الى جنكز خان لينظروا ما معه من العسكر، فعادوا بعد مدة طويلة، واخبروه بكثرة عددهم وانهم يخرجون عن حد الاحصاء، وانهم اصبر خلق الله على القتال لا يعرفون هزيمة، فندم خوارزمشاه على قتل اصحابهم. فبينا هو كذلك اذ ورد رسول من جنكز خان ومعه جماعة من اصحابه يتهدد خوارزمشاه ويقول: قتلت تجاري واخذت مالي منهم واستعد للحرب فها انا واصل اليك. فلما سمع بذلك خوارزمشاه امر بقتل 8 الرسول وأمر بحلق لحى 9 اصحابه واعادهم الى جنكيز خان يخبرونه، ثم تجهز خوارزمشاه وسار في اثرهم، فأدمن السير وقطع مسيرة اربعة اشهر ثم وصل الى طرف اماكنهم فلم ير 10 الا النساء والصبيان فأوقع بهم وغنم الجميع وسبى النساء والذرية، وكانوا قد ساروا الى محاربة ملك من الترك 11، فهزموه وغنموا امواله وعادوا، فلقيهم الخبر في الطريق بما فعل خوارزمشاه فجدوا في مسيرهم فادركوه عند بيوتهم فتصافوا للحرب واقتتلوا ثلاثة ايام اشد القتال فقتل من الطائفتين مالا يعد 128 ب/ولم ينهزم احد من الفريقين، فلما كانت الليلة الرابعة افترقوا وقد قتل من المسلمين نحو من عشرين 12 الف. واما الكفار فلا يحصى من قتل منهم، ولم يحضر الوقعة منهم الا ولد الملك في طائفة، فلما افترقوا عادوا الى ملكهم جنكيز خان ورجع المسلمون الى بخاري 13 وقد استشعر خوارزمشاه الضعف عنهم. فأمر اهل بخاري وسمرقند بالاستعداد للحصار وجمع الذخائر. وجعل في بخارا 13 عشرين الف فارس، وقال لهم احفظوا البلاد، حتى اجمع العساكر من خوارزم وخراسان وسائر بلاد الاسلام واعود اليكم. ورحل الى خراسان فعبر جيحون، ونزل بالقرب من بلخ فعسكر هناك واما جنكز خان الملعون فانه استعد للقتال. وسار الى بلاد الاسلام، فوصل بخارى بعد خمسة اشهر من وصول خوارزمشاه، فحصرها وقاتلها ثلاثة ايام قتالا شديدا وضعف العسكر الخوارزمي، ففارقوا البلد ليلا عابرين الى خراسان، فلما اصبح اهل البلد ارسلوا القاضي بدر الدين بن قاضي خان ليطلب الامان للناس فاعطوهم الامان وفتحت ابواب البلد يوم الرابع من ذي الحجة من سنة ست عشرة فدخل الكفار المدينة، ودخل عسكر 14 جنكز خان بنفسه واحاط بالقلعة وكان فيها نحو أربعمائة من عسكر السلطان فاعتصموا بها فأمر جنكز خان بطم الخندق فطموه بالتراب والاخشاب، ثم تابعوا الزحف الى القلعة فبذل الذين فيها جهدهم، واقاموا اثني عشر يوما يقاتلون التتر واهل المدينة ووصل النقابون الى سور القلعة فنقبوه ودخلوا عليهم، فقاتلهم المسلمون حتى قتلوا عن آخرهم، فلما فرغوا من القتال أمر جنكز خان باحضار وجوه اهل البلد وقال اريد منكم النقرة التي باعكم اياها خوارزمشاه فانها لي، ثم احضروا ما عندهم [منها بين يديه] 15 ثم امرهم بالخروج من البلد فخرجوا بانفسهم، فاسروهم وعذبوهم بانواع العذاب، يطلبون منهم المال. ودخل التتر المدينة فنهبوها وقتلوا اهلها قتلا ذريعا ولم يبقوا على احد، واقتسموا النساء والذراري وفجروا بالنساء علانية وطرحوا النار في البلد فاحرقوها وخربوا المساجد والمدارس، فأصبحت خاوية على 16 عروشها ثم دخلوا سمرقند، واستصحبوا منهم من سلم من القتل فساروا بهم مشاة على اقبح صورة، وقتلوا كل من عجز عن المشي فلما قاربوا سمرقند قدموا الخيالة ارسالا في اول يوم وفي اليوم الثاني وصل الرجالة 17 والأسارى والاثقال واحاطوا بالبلد، فلما رأى اهل البلد سوادهم استعظموهم وكان في البلد خمسون الفا 18 من الخوارزمية خارجا عن اهل البلد فخرج اليهم اهل البلد، فقاتلوهم قتالا شديدا فجعلوا 19 لهم كمنا على بعد من البلد وانشبوا القتال فكانوا 20 ينهزمون قليلا قليلا حتى جاوزا الكمين فخرجوا عليهم وحالوا بينهم وبين البلد ورجع الباقون عليهم فقتلوا عن آخرهم وكانوا نحوا 21 من سبعين الفا فايقن اهل البلد بالهلاك وطلبوا الامان 129 أ/فاجابوهم الى ذلك، ففتحوا البلد، ففعلوا بهم كما فعلوا بأهل بخارا من النهب والقتل والسبي والخراب والحرائق وعذبوا الناس بانواع العذاب فلما فرغوا سير جنكز خان عشرين الف فارس وقال لهم 22:اطلبوا خوارزمشاه، اينما كان ولو تعلق بالسماء حتى تأخذوه، فساروا نحو خراسان وعبروا النهر، وهذه الطائفة من التتر تسمى المغربة 23.فلم يشعر بهم خوارزمشاه الا وقد صاروا معه على أرض واحدة، فرحل خوارزمشاه لا يلوي على شيء في نفر من خاصته وقصد نيسابور فلم يستقر بها حتى وصل العلم بوصول التتر اليها في طلبه، ولم يتعرضوا في سيرهم هذا الى شيء من الاذى لا بقتل ولا بنهب، فلما علم بهم خوارزمشاه رحل الى ماز 24 ندران

[ثم] 25 الى الري ثم سار فرحلوا في اثره ولم يعرجوا على نيسابور، فكان كلما رحل عن منزلة نزلوها حتى وصل بحر طبرستان فركب هو واصحابه في السفن، ووصلت التتر فلما رأوا خوارزمشاه، وقد دخلوا البحر ووقفوا على الساحل، فلما ايسوا منه قصدوا الري. وقيل ان خوارزمشاه سار من مازندران الى الري ثم سار منها الى همذان والتتر في اثره، ثم خرج من همذان في بعض خاصته فكان آخر العهد به فقيل انه عاد الى مازندران، وركب في البحر كما ذكرنا 26.

Bogga 374