وثاب الغوري إلى رشده سريعا، واسترجع عزيمته، فقال في صوت يحاول أن يكون مطمئنا هادئا: نعم يا بني، لقد كان أركماس ... أخي ... إنني ... إنني أنا عمك!
ذهل الفتى مما سمع وغلبته أشجانه، فغص بأنفاسه، وارتمى على صدر الغوري، ودفن رأسه الصغير في صدره وهو يجهش باكيا ...
وسقطت دمعتان على وجه الغوري، ثم انحدرتا حتى توارتا في لحيته، وقبض أصابعه في لحم الغلام وهو يضمه إلى صدره بعنف ... وحنان!
قال الفتى ولم يزل بين يدي مولاه وعيناه مغرورقتان بالدمع: وتعرف أمي نوركلدي يا عماه؟
واختلجت شفتا الغوري قبل أن يجيب: نعم، أظنني أعرفها، أعني أنني أعرفها حين كانت طفلة في حجر أمها، قبل أن يتزوجها أخي أركماس!
وعض على شفتيه في غيظ وحيرة وندم.
واسترسل الفتى يسأل وقد برقت عيناه بريق الأمل والسعادة: وهل يمكن أن ألقاها ثانية يا عم؟ هل يمكن أن أرى أمي نوركلدي بعد ذلك الفراق؟
قال الغوري هادئا وعلى شفتيه ابتسامة غامضة: نعم، كما لقي يوسف أبويه على العرش ... على العرش يا طومان يلتقي البعداء!
آه! يا للرجلين! ذلك الفتى، قتل ذلك الرجل أباه وجده، فلتكن كفارة هذا الذنب أن يتبناه لينمحي من صحيفة ذكرياته ذلك الماضي!
وأعتق الغوري طومان من رق؛ ليدعوه الناس جميعا منذ ذلك اليوم: ابن أخي الغوري ! وأخلص له الحب والمودة حتى لا يعرف طومان صلة تربط به، إلا أنه عمه!
Bog aan la aqoon