وأقلامي قد انشقت لأني
حرمت مساسها بالأصبعين
كذلك كان وسط عائشة من أرواح المؤلفين والشعراء ومن نفثاتهم، من أرواحهم كان لها أسرة تناجيها. فتتحدث إليها وتصغي حينا بعد حين.
وفي تلك «الغربة» التي تأوي إليها أرواح الخواطر كتبت أشعارها العربية المجموعة في ديوان «حلية الطراز» وديوانها التركي والفارسي «كشوفة» و«نتائج الأحوال» ورسالة صغيرة اسمها «مرآة التأمل في الأمور»؛ هذه هي بيئتها المعنوية المحبوبة.
حبها لاسمها
والاسم ... أليس هو أول علامات الفرد في جماعته؟ «على أي شيء يحتوي الاسم؟» يسأل شكسبير بلسان جولييت، ومن منا لم يتساءل عن اهتداء البشر إلى التسمية وعن رائدهم في ذلك! ألا تصغي إلى همس خفي وراء الاسم، والكنية عند سماعها للمرة الأولى كأن لهما ذاتا خفية وراء المعنى الظاهر؟ أوليس من هذه الروحانية المستترة استخرج معنى الحساب بالأرقام والحروف، الذي لا يستهان به في أصوله الفيثاغورية؟
إلا أن الشاعر العربي القائل «الأذن تعشق قبل العين أحيانا» عبر عن جانب من حقيقة روحانية عميقة ومضت له في لحظة إلهام وإشراق.
راجع ما شئت من الأسماء التي تعرف أصحابها معرفة شخصية أو معنوية، تر استحالة تبديل اسم بسواه. كأنما تلك اللفظة التي يعرف بها المرء عن طريق الانتحال أو بالمناداة منذ الولادة، أصبحت جزءا أساسيا من ذاتيته، أو صارت على الأقل من أدل الدلائل عليها. وفوق ذلك فإن معنى الاسم الواحد يتغير بإطلاقه على أشخاص مختلفين. هذا شيء يعجز الوصف إلا أننا نشعر به بجلاء، ترى ألأن شخصية الفرد تتفاعل وشخصية الاسم بامتزاجها بها ؟
إن ما يحدو بي إلى هذا الشرح هو شغف عائشة باسمها، شغفها بأسمائها الثلاثة؛ فإني لم أر في مطالعاتي كاتبا يشبه عائشة من هذا الوجه، لا في الشرق ولا في الغرب.
شغفت بكل اسم من أسمائها الثلاثة ورضيت بها جميعا في بيئتها المعنوية فلم تنتحل اسما جديدا. وأحسنت توزيعها؛ إذ خصت شعرها العربي باسم «عائشة» وشعرها التركي والفارسي باسم «عصمت» حتى لتكاد ترى هذه الكلمة في ختام كل قصيدة من قصائدها «كشوفة»، وخصت اسم عائلتها بنثرها.
Bog aan la aqoon