الثانية: سهم المؤلفة قلوبهم. قد فرض الله تعالى لهم في الصدقات نصيبا، قال الله تعالى: { إنما الصدقات...... قلوبهم } (¬1) . وكان رسول الله عليه السلام أجراه عليهم ثم أبو بكر ثم عمر ثم حرمهم فقيل له في ذلك فقال: ذلك إذا كان الإسلام حقيا وأما الآن فقد بزل فلا سهم لهم. فمذهب عمر في ذلك تخصيص عموم القرآن بالأزمان والأحوال والمكان والأسماء أو كان رأيا من رأيه فنعما فعل والكل صواب. وقد أذعنت له الأمة وصوبت له فعله. الثالثة:/ إسقاط القطع على السراق عام الرمادة، بعد قول الله تعالى: { والسارق والسارقة .......... حكيم } (¬2) . وعام الرمادة عام ظهرت فيه مسغبة جوع عمت الآفاق. فنظر عمر إلى حاجة الناس فتأول قول رسول الله عليه السلام: "ادرءوا الحدود بالشبهات" (¬3) . ولهذه العلة أجاز بعض الفقهاء تناول الأموال للمسغبة لأجل الضرورة الدافعة لتنجية النفس من الهلاك، ولأنه حق واجب أوجبه الله على ملاك الأموال، ولم يسيغوا لأهلها منعهم لأنه حقهم الواجب عليه. وذكر له أن يقاتل صاحب الطعام وصاحب الماء على طعامه ومائه لينجي نفسه، فإن قتل المالك هدر دمه إذ لا يحل له منعه.
الرابعة: اطراح الصدقات عام الرمادة أيضا. فلما كان عاما قابلا أخذها/ مرتين منهم، والأموال تنتقل، والأحوال تتبدل، وصروف الدهر جارية على التغيير فيكون المعسر موسرا والموسر معسرا والحي والميت حيا ولن يحصى. ولم يبلغنا أنه راعى شيئا من ذلك، والنصب تختلف وزان ذلك بين ظهراني المهاجرين والأنصار ولا مغير ونعم الرأي رأيه ولن تجتمع الأمة على ضلال.
Bogga 298