فصل وصورة الإجماع إذا نزلت نازلة وليس لهم بها عهد في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله. فعلى العلماء المشروط عليهم الاجتهاد أن يجتهدوا فإن اجتهدوا وأطبقوا/ كان قولهم إجماعا. فإن تكلم بعضهم وسكت الآخرون رضى منهم بما كان، كان إجماعا. وكذلك إن أقروا فاعل ذلك من غير نكير صار إجماعا. وإن "كان" (¬1) فيهم من رآى رأيهم فسكت كان إجماعا، وليس ما فعل إلا أن اجتزأ بغيره. وإن رأى غير رأيهم كان آثما وكان إجماعا. وإن رآى أتحدهم مثل رأيهم وأخبر بخلاف اعتقاده كان آثما وصار اختلافا وسعة. وإنما هذه الدنيا بالظواهر وفي الآخرة تبلى السرائر. وأما من سكت مجتهدا في طلب الأدلة فإنه يراعى ما لم ينقض العصر أو يصرح. وإن سكت وادعى ان سكوته لعلة قبلت عليه إن كانت العلة صحيحة المعنى. وأما فيما يتعلق بالدين فلا يسعه السكوت إن ظهر له علم وعنده فيه خبر، كما قال عليه السلام: «إذا ظهرت البدع في أمتي فعلى العالم أن يظهر علمه، فإن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين»/ (¬2) وأما إن كان شيء غير أكيد فربما يبسط له العذر كالذي جرى لابن عباس مع عمر بن الخطاب فقال: أدركوني معاشر المسلمين. والله ما جعل الله في المال نصفا وثلثا ولا جعل فيه إلا نصفا ونصفا فأين مقام الثلث؟ وذلك أنه سئل عن امرأة ماتت وخلفت زوجا وأختا وأما فأراد أن يفرض فقال: لزوجه النصف ولأخته النصف، فرغ له المال، وتذكر
الأم لها الثلث فاستشهد أصحاب رسول الله عليه السلام. فقال له العباس: انزلوها منزلة أصحاب الربا إذا وضعوا. وكان ابن عباس في القوم صغيرا ساكتا فقال له عبيدة السلماني: انعقد الإجماع ولو هلكت اليوم ما قسم مالك إلا على رأي الجماعة.
Bogga 252