والمرأة تعلم أنها ضعيفة إلى جانب الرجل، ولكنها لا تأسى لذلك ما علمت أنها فاتنة له وأنها غالبته بفتنتها وقادرة على تعويض ضعفها بما تبعثه فيه من شوق إليه ورغبة فيها.
فليكن له ما شاء من قوة، فلها ما تشاء من سحر وفتنة وعزاؤها الأكبر عن ضعفها أن فتنتها لا تقاوم، وحسبها أنه لا «تقاوم» بديلا من القوة والضلاعة في الأجساد والعقول ...
فإذا قاربت الرجل مضاجعة له وهي في أشد حالاتها إغراء بالفتنة ثم لم يبالها ولم يؤخذ بسحرها فما الذي يقع في وقرها وهي تهجس بما تهجس به في صدرها؟
أفوات سرور؟ أحنين إلى السؤال والمعاتبة؟ كلا ... بل يقع في وقرها أن تشك في صميم أنوثتها وأن ترى الرجل في أقدر حالاته جديرا بهيبتها وإذعانها وأن تشعر بالضعف ثم لا تتعزى بالفتنة ولا بغلبة الرغبة. فهو مالك أمره إلى جانبها وهي إلى جانبه لا تملك شيئا إلا أن تثوب إلى التسليم، وتفر من هوان سحرها في نظرها قبل فرارها من هوان سحرها في نظر مضاجعها.
فهذا تأديب نفس وليس بتأديب جسد، بل هذا هو الصراع الذي تتجرد فيه الأنثى من كل سلاح، لأنها جربت أمضى سلاح في يديها فارتدت بعده إلى الهزيمة التي لا تكابر نفسها فيها. فإنما تكابر ضعفها حين تلوذ بفتنتها. فإذا لاذت بها فخذلتها فلن يبقى لها ما تلوذ به بعد ذاك.
وهنا حكمة العقوبة البالغة التي لا تقاس بفوات متعة ولا باغتنام فرصة للحديث والمعاتبة.
إنما العقوبة إبطال العصيان، ولن يبطل العصيان بشيء كما يبطل بإحساس العاصي غاية ضعفه وغاية قوة من يعصيه. والهجر في المضاجع هو مثابة الرجوع إلى هذا الإحساس. •••
على أن عقاب النبي لزوجاته كان من الندرة بحيث لا يذكر لولا ما تعود المسلمون من ذكر كل كبيرة وصغيرة في حياته الخاصة والعامة على السواء، وهذا مع طول العشرة وتعدد الزوجات وكثرة الحوادث الجسام وقلة النسل الذي يصل المقطوع ويرأب المصدوع.
وكان معظم عقابه أشبه بعقاب نبي لمسلمات منه بعقاب زوج لزوجات. وهو في حالتي عقابه وإحسانه إنسان على أكمل ما يكون الإنسان من رحمة وكيس وإنصاف.
وإذا حارت الأدلة في قوام تلك الحياة الزوجية فالدليل الذي لا يحار أن ينقضي نحو أربعين سنة عليها وهي على ذلك الصفاء والولاء الذي لم يعرف مثله في علاقات الرجال والنساء؛ هذه حياة زوجية لا تقوم على الحس والمتعة، ولن تدوم ذلك الدوام لو كان لها قوام غير مودة القلوب وراحة النفوس وحب الخير ومبادلة العطف والتعظيم.
Bog aan la aqoon