يوم عقيدة ورجاء
إن يوم الغار ليوم له عبرته وعزاؤه في كل يوم ولا سيما أيام القلق والحيرة والانتظار ...
إنه يوم عقيدة فهو يوم رجاء، ويوم نظر إلى المستقبل الذي ينظر إليه من ليس له رضا في حاضر عهده، وحاضر العالم في عهده هذا لا يرضي أحدا من محبيه ... حيثما غلبت الحيرة والقلق في العالم فهنالك أمر واحد كن منه على أتم اليقين؛ كن على يقين أن العالم يبحث عن عقيدة روحية! لأنه يضيق بالحاضر وينظر إلى المستقبل، وكل مستقبل فلا محل له من جوانح الصدور إن لم يكن موضع رجاء ومرجع إيمان، وغاية سعي يستحق الكفاح ...
وفي التاريخ الإنساني كله لم تقم قط حركة عظيمة على الماضي الذي لا مستقبل بعده، إنما تقوم الحركات العظمى جميعا على الرجاء في غد محجوب، أو على شيء يمكن أن يتحقق في حياة الإنسان، وشيء يبقى أبدا موضع الرجاء البعيد ...
لقد كان علي فتى يستقبل الدنيا، وكان أبو بكر كهلا يدبر عنها، يوم أعانا محمدا في يوم ثور ... ولكنهما كانا معا على أبواب غد واحد ورجاء واحد، يستوي فيه الفتى والكهل والشيخ الدالف إلى قبره، لأنه رجاء الإيمان لا رجاء العيان.
المستقبل للإيمان
ماذا فتح الإسلام لأبي بكر من عوالم الحياة؟ ... هل رجع به إلى الماضي أو أقبل به على المستقبل؟ هل مشى به في حركة إلى أمام أو قفل به في رجعة إلى وراء؟ ... الحق أن الإسلام مثل المستقبل للشيخوخة كما مثل المستقبل للشباب، وانفصل من حالة لا تبقى ليتصل بحالة يرجى لها البقاء، وكان يفتح أمام أبي بكر - وليس أمام علي وحده - باب الحياة الصالحة في الدنيا وباب الحياة الخالدة في الآخرة ... وهكذا كل عقيدة فما هي بعقيدة على أي معنى من معاني الاعتقاد إن كان خيرها كله شيئا يناله الإنسان في أيامه ... فلا مناص في العقيدة من خير وراء أيام الفناء.
ليذكر هذا جميعه من يتحفزون للنهوض، ومن يبتغون الحركة ويقودون الخطوات المقبلة في عجلة أو أناة.
لن تتحرك أمة إلا إذا فتحت أمامها باب المستقبل، ولن تلتفت إلى الماضي إلا إذا كان فيه التقاء بالمستقبل، ولن تعيره الحياة إلا وهو مبعوث من جديد في صورة الخلق الجديد.
ليذكر هذا من يحارون في أمر العالم اليوم وهو غارق في دمائه، ضائق بحاضره، معرض عن ماضيه ...
Bog aan la aqoon