Cabqariyat Imam Cali
عبقرية الإمام علي
Noocyada
وذلك هو إحراقه الروافض الذين عبدوه ووصفوه بصفات الآلهة، وأبوا أن يتوبوا عن ضلالتهم مرة بعد مرة، وقيل: إنهم أصروا على عنادهم وهم يحرقون ... فاتخذوا من تعذيبه لهم بالنار دليلا على أنه هو الإله المعبود ... إذ لا يعذب بالنار إلا الله.
فهؤلاء المفسدون المفتونون، قد استحقوا عقوبة الموت بقضاء الشريعة وقضاء الدولة، التي لا يقوم لها نظام على هذه الضلالة ... ولكن الإحراق بالنار صرامة لا توجبها ضرورة العقاب، وليس في اجتنابها خطر على الشريعة، ولا على النظام ...
إنما شفيع الإمام في هذه الصرامة أنه كان هو المستهدف لتلك الضلالة، وهو مظنة الريبة في الهوادة فيها ... فهو ينزه عدله عن كل ظن، حيث تظن بالهوادة جميع الظنون، وقد أحرق الذين ألهوه ... ونهى عن قتال الخوارج الذين حكموا بكفره، إلا أن يفسدوا في الأرض أو يبدءوا بالعدوان على بريء، وفي هذا الإنصاف بين مؤلهيه ومكفريه شفاعة من تلك الصرامة في العقاب.
وكان الإمام يذكر أبدا في حكومته أن الحقوق العامة لها شأن لا ينسى مع حقوق الأفراد ...
ومن ذلك ما نقله الطبري عن بعض الأسانيد، حيث قال: «رأيت عليا - عليه السلام - خارجا من همدان، فرأى فتيين يقتتلان ففرق بينهما ... ثم مضى فسمع صوتا: يا غوثا بالله فخرج يحضر نحوه حتى سمعت خفق نعله، وهو يقول: «أتاك الغوث.» فإذا رجل يلازم رجلا، فقال: «يا أمير المؤمنين ... بعت هذا ثوبا بتسعة دراهم وشرطت عليه ألا يعطيني مغموزا ولا مقطوعا، فأتيته بهذه الدراهم ليبدلها لي فأبى فلزمته فلطمني.» فقال: «أبدله.» ثم قال: «بينتك على اللطمة.» فأتاه بالبينة ... قال: «دونك فاقتص.» قال: «إني قد عفوت يا أمير المؤمنين.» قال: «إنما أردت أن أحتاط في حقك» ... ثم ضرب الرجل تسع درات، وقال: «هذا حق السلطان».»
وكان يكرر هذا الحكم في كل ما شابهه من أمثال هذا العدوان، وهو أشبه المذاهب بمذهب الحكومات العصرية في القصاص.
ويقال الكثير عن مناهج الإمام في الحكومة وسياسة الرعية، مما يغني فيه هذا الإجمال عن التوسع في التفصيل ...
ولكن الذي لا ينسى في سياق الكلام عن الإمامة والدعوة العالمية، أنه - رضي الله عنه - كان أول من خرج بالعاصمة من المدينة إلى أرض غير أرض الحجاز، وهو الحجازي سليل الحجازيين ...
وقد اختار الكوفة، فكانت أوفق عاصمة للإمامة العالمية في تلك المرحلة من مراحل الدولة الإسلامية ...
لأنها كانت ملتقى الشعوب من جميع الأجناس، وكانت مثابة التجارة بين الهند وفارس واليمن والعراق والشام، وكانت العاصمة الثقافية التي ترعرعت فيها مدارس الكتابة واللغة والقراءات والأنساب والأفانين الشعرية والروايات ... فهي أليق العواصم في ذلك العصر بحكومة إمام، وما زالت الإمامة لاحقة بعلي ومحيطة به حيث تحول وحيث أقام ...
Bog aan la aqoon