إذًا، من هو مؤلّف الكتاب؟
- إنه سؤال تصعُب الإجابة عليه حتى الآن، وسيظل اسمه لُغْزًا، إذ ليس في الكتاب أيّة إشارةٍ تدلّ عليه. ولا شيء يدل على أنه شخص آخر يحمل اسم "عماد الدين القاضي الأصفهاني" المتوفَّى بعد سنة ٥٩٣ هـ،/ ١١٠٧ م (١). إذ مع اهتمامي وبحثي الدائم في كتب التراث وطبقات الرجال والتراجم، فإنّني لم أقف على اسم مشابهٍ للعماد الأصفهاني، لا في القرن السادس الهجري، ولا في غيره.
وعندما صرّح "ابن خَلِّكان" بالنقل عن كتاب "البستان" لم يذكر اسم مؤلّفه، وهذا يعني أنه كان مجهولًا لديه في القرن السابع الهجري، لوفاة "ابن خلّكان" في سنة ٦٨١ هـ، وهو ذكر "البستان" في ترجمة "أبي الحسين أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي" وقد أرّخ وفاته في سنة ٢٤٥ هـ. فقال: "ذكر في البستان أنه تُوفي سنة خمسين" (٢) وقد علّق الدكتور "إحسان عباس" على هذه المعلومة بقوله: "هذا الاسم ينصرف إلى غير كتاب، ولعلّ المقصود هنا "البستان في النوادر والغرائب" للشيخ أبي حامد الإسفرايني" (٣).
ويقول طالب العلم "عمر عبد السلام تدمري": إن ما ذهب إليه الدكتور "إحسان عباس" غير صحيح، فالمقصود -قطعًا- هو كتاب "البستان" الذي بين أيدينا، فهو الذي يذكر موت "الراوندي" في سنة ٢٥٠ هـ (٤).
وعاد "ابن خَلّكان" فاعتمد على "البستان" ثانيةً، وأشار إلى مؤلّفه بقوله: "صاحب كتاب البستان .. "، وهو يؤزخ لوفاة "أبي علي يحيى بن عيسى بن جَزْلة الطبيب"، فقال: "وذكر صاحب كتاب البستان الجامع لتواريخ الزمان أن ابن جَزْلَة مات سنة ثلاثٍ وتسعين وأربعين" (٥). وقد ذُكر "ابن جَزْلة" فعلًا في "البستان" في السنة المذكورة (٦).
* * *
_________
(١) مال الدكتور شاكر مصطفى إلى نسبة الكتاب إليه. انظر: التاريخ العربي والمؤرّخون ٢/ ٢٩١، ٢٩٢.
(٢) وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خَلّكان - تحقيق د. إحسان عباس - طبعة دار الثقافة، بيروت ١٩٧٢ - ج ١/ ٩٤.
(٣) وفيات الأعيان ١/ ٩٤ الحاشية (٢) وقد توفي أبو حامد الإسفراييني في سنة ٤٠٦ هـ.
(٤) البستان - نسخة أحمد الثالث - ورقة ١٠٣ - سنة ٢٥٠ هـ.
(٥) وفيات الأعيان ٦/ ٢٦٨.
(٦) البستان - آخر الورقة ١٨٥ - سنة ٤٩٣ هـ.
1 / 9