تعرض له قريش بحرب عن البيت الحرام. ولم تذكر الروايات أن الذين استنفرهم كانوا غير مسلمين (١) . وفي رواية الواقدي (٢) أنه كان يمر بالأعراب فيما بين مكة والمدينة، فيستنفرهم، فيتشاغلون عنه بأموالهم وأبنائهم وذراريهم، ثم ذَكَرهم، وهم: بنو بكر ومزينة وجهينة. وواضح من هذه الرواية، إذا سلمنا بصحتها، وهي ليست بصحيحة عند المحدثين؛ لأن إسنادها غير متصل، ومن رواية الواقدي المتروك مع سعة علمه، يستنتج منها أنه كان يعني المسلمين منهم، وذلك بدليل أن الرواية ذاتها تذكر أن الرسول ﷺ عندما أصبح بالروحاء، لقي بها جماعة من بني نهد، معهم نعم وشاء، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يستجيبوا له وانقطعوا من الإسلام، وعندما أهدوا إليه لبنًا لم يقبله منهم، وقال: "لا أقبل هدية مشرك"، وابتاع منهم (٣) . فكيف يجوز عقلًا أن يرفض هديتهم ويقبل خروجهم معه؟ وقد بينا في مكان سابق من هذا البحث أن الرسول ﷺ رفض في كل المناسبات أن يستعين بالمشركين في الحرب، وكان مستعدًا للحرب إذا فرضت عليه في تلك السفرة.
ثم إن الروايات تشير إلى أن من خرج معه من الأعراب كانوا قليلين. وأوضح دليل على أن كل من خرج معه من المدينة أو لحق به من الأعراب كانوا مسلمين هو ما جاء في خبر بيعة الرضوان. فقد جاء في القرآن الكريم