أن الله ﷾ قد رضي عنهم لاستعدادهم للجهاد مع الرسول ﷺ ومنازلة قريش بالسيف حتى الموت، ماعدا الجد بن قيس لنفاقه، حين حبسوا عثمان بن عفان ﵁ في مكة (١)، فقال: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ [الفتح:١٨] . ورضي عنهم الرسول ﷺ ووعدهم الجنة، كما في قوله ﷺ "لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد، الذين بايعوا تحتها" (٢)، وقال عنهم: "إنهم خير أهل الأرض" (٣)؛ فما دام الاستثناء قد جاء للجد بن قيس فقط لنفاقه، فمن باب أولى أن يأتي استثناء للكفار إن كانوا فعلًا في أصحابه من أهل الحديبية.
ولو كان الأعراب الذين استنفرهم من الكفار ما عاتبهم الله ﷾ وكشف عن نياتهم وحقيقة مواقفهم من الاستنفار، إذ قال: ﴿سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [الفتح:١١] . فمن يطلب الاستغفار لتقصير منه؟ لابد أن يكون من المسلمين.