جعة مملوءة برحيق بورتو القوي، فلولا فعلي ذلك لم يجر الدم في عروقي وصرت غير صالح لعمل شيء.» وقد أجمعت التقارير - مع ذلك - على أن بسمارك أعان إلى أبعد حد على التوفيق بين الجميع؛ بفضل صلابته وبصيرته وسعة حيلته.
ومن بين أعضاء المؤتمر كان يثق بالدرجة الأولى بأندراسي ورسل، وقد حاول - على غير جدوى - أن يكتشف «عيبا في رسل الذي لم يجد إنكليزيا مثله كمالا، وهو رجل يتقن ست لغات»، وهو يتمنى أن يقود اللورد سالسبري بين يدي عريف ألماني معلم للرياضة نصف ساعة في كل يوم حتى يتعلم تقويم هيئته، وهو ينظر إلى أحمد علي كمرتد فيعامله ببرودة وغلظة تقريبا، وهو يبدي لعدوه غورشاكوف إخلاصا ساخرا، ويزوره الشيخ غورشاكوف ذات مرة، ويود بسمارك أن يساعده على النهوض على كرسيه، ويظن الدرواس
6
الدانيماركي أن هذه الحركة علامة للهجوم، وينتهر بسمارك الكلب، ويخيل إلى غورشاكوف الذي لم يلاحظ هذا الحيوان سابقا أن بسمارك فاجأه بذلك انتقاما منه فينصرف مغاضبا، ويقص بسمارك الخبر مساء، ويضيف إلى ذلك تعليقه الآتي الذي ينم على سياسي محب للكلاب أيضا، قال بسمارك: «لما يتم تدريب تيراس كما يجب؛ فهو لا يعرف من يجب عليه أن يعض، ولو عرف ذلك لعض التركي.»
ويؤثر على أوجه مختلفة كل من مغامري المؤتمر الثلاثة، الغلام والروائي وبسمارك، في الآخر، وبسمارك قال في المساء الأول: «أود لو أعرف هل يريد بيكونسفيلد الحرب، لا أحد يعرف ذلك! والشعور السائد هو أن الميزان بيده، وهو حذر مرتاب، ولا يعرف مصوره فرنر الإنكليزية، ولكن ديسرائيلي لم يقنع بذلك حتى أكده له غير مرة، وما فطر عليه هذا الشيخ من روح الملح فقد مكنه من التمتع ببعض النكات البرلينية على حساب شخصيته واسمه وأصله اليهودي، ومن تلك الطرائف أن ضابطا كان يسير حوله فسأل الحارس الواقف أمام باب ديزي عن الذي يحافظ عليه فأجاب هذا الرجل عن ذلك بقوله: «كما تأمر يا سيدي، هو ب. أ. كوهنفيلد».»
7
ولو كان بسمارك لا ساميا لكان كل شيء في ديسرائيلي ولا سيما ميوله الخطابية غير ملائم لبسمارك، ولكن بسمارك بعد أحاديث قليلة كان على تفاهم معه أكثر من تفاهمه مع كل واحد من الآخرين، وبسمارك يقول بعد زمن: «إنه قضى ليالي كثيرة هنا، وهو - لانحراف مزاجه - كان يشترط خلو المكان من كل ضيف، وهكذا غدونا متحابين، وهو مع وضعه روايات خيالية كانت تسهل مناقشته، وكان يعرف في ربع ساعة ما يوده ، ويعلم الحد الذي لا يريد مجاوزته، فنسوي كثيرا من المسائل معا.»
وما فتئ ديسرائيلي - حتى موته - يكون صديقا لبسمارك وإن شبه بسمارك في الإنديميون بكونت فيرول بعد رواية موتلي عن بسمارك بأربعين سنة.
ويلوح أن بسمارك اتخذ لهجة المساوم مع بليشرودر، وقد قال له في أول مساء: «إن فائدة السلم هي 66 : 34، وقد تكون 70 : 30.» ويقيم بليشرودر «حفلة عشاء كبيرة بلا مملحة، ولكن مع كثير غناء»، ويدعو ولي العهد إلى نزهة في سفينة فوق الفانسي، وكاد أعضاء المؤتمر يغرقون بعاصفة هبت فورا حين عودتهم إلى قصر سانسوسي حيث «وجد أعضاء المؤتمر قبل العشاء - كما روى هوهنلوهه - طسوتا
8
Bog aan la aqoon