فرفعت حاجبيها المزججين وقالت: أسأل قلبك؟ ماذا وراءك يا قلبه؟!
فقال الشاب همسا: يقول قلبي أنه يسر لرؤياك وينتظره على لهفة! - حقا؟!
فاستدرك في جد أكثر من ذي قبل: ويقول أيضا إنه يرغب في أن يلقاك الآن في الشارع ليفضي إليك بأشياء هامة.
والتفت صوب أبيه فسمعه يقرأ التحيات فقال لها بعجلة: في وسعي أن أغيب عن الدكان دقائق، فاسبقيني إلى الشارع العام!
ونظرت إليه في اضطراب وحيرة. وجدت في نفسها رغبة إلى ملاقاته، ولكنها أبت أن تذعن دون ممانعة من جانبها وإلحاح من جانبه، فقالت: أخاف أن أتأخر.
فقال بجزع وهو يومئ صوب أبيه محذرا: دقائق معدودات. اسبقيني قبل أن يختم الرجل صلاته.
ولم تجد في الوقت متسعا للتمنع والدلال فتحولت عن موقفها وقلبها يدق، ثم اتجهت بعد لحظة تردد إلى شارع شبرا. ركبها الاضطراب والقلق والخوف، ولكنها أمعنت في السير دون أن تفكر في العدول. خطوة جديدة هون من وقعها طول ما حلمت بها. وما لبثت أن تغلبت على الخوف فارغة للأمل الحلو الذي يتخايل لعينيها في نهاية الطريق. ولما انتهت إلى الشارع نظرت وراءها فرأته يحث خطاه وقد ارتدى جاكتته على جلبابه، فمالت إلى اليمين وأوسعت خطاها مبتعدة عن حيها. ولحق بها مهرولا فقال بسرور: استأذنت من أبي دقائق.
وألقت على زيه نظرة لم يخف عنه معناها فقال كالمعتذر: لا يمكن أن أرتدي البدلة إلا ساعات العطلة!
وكان يبدو فرحا مسرورا، لم تكن عينه العاشقة من العمى بحيث تراها جميلة، ولكنه كان من أبيه المستبد في ضيق وحرمان. فرحب بهذه الفرصة التي تتيح له الممكن من الحب، فتى في مثل حالها من اليأس والدمامة والعجز، ووجد فيها - مهما تكن - أنثى تنتسب للجنس المحبوب العزيز المنال. وخاف أن تمضي الدقائق دون أن يقول ما يريد قوله، فقال بعجلة: الدكان يغلق عادة عقب ظهر الجمعة، فقابليني عصر الجمعة ومن ثم نذهب معا إلى روض الفرج.
فقالت باستنكار: نذهب معا؟! هذه طريقة لا أرضاها. - ماذا علينا لو فعلنا؟ - لست من أولئك الفتيات! - حاشاي أن أظن بك السوء. ولكن ينبغي أن نجد مكانا آمنا للحديث. - أخاف أن يرانا أحد من إخوتي. - من السهل أن نتفادى هذا!
Bog aan la aqoon