إن الهبات بين الأحياء معمول بها حتى ثمن ما يصيب الرجل من إرثه.
وهنالك عادة درجوا عليها في الجبل ثم ألغاها الأمير بشير منذ اثنتي عشرة سنة خلت. لم يكونوا يسلمون العروس لأهل العريس وأصدقائه إلا بعد أن يصيب أحد هؤلاء برصاصة هدفا ما يعلق في طرف ركيزة عالية. وإذا لم يتمكن أحد هؤلاء الموفدين من قبل العريس أن يصيب الهدف، ازدراهم جماعة العروس واحتقروهم. وكثيرا ما كان يؤدي ذلك إلى المنازعات، لا بل إلى نقض الزواج.
وفي زمن متأخر جدا لم تكن تسلم العروس - وهي في صحبة جمهور غفير من شباب قريتها - إلى أهل العريس وأصدقائه، إلا بعد قتال وهمي ينتهي بظفر هؤلاء. وإذا لم يأتهم الله بالظفر أرجئ التسليم إلى يوم ثان. إن اتباع مثل هذا العرف أدى - في كثير من الأحيان - إلى معارك حقيقية بين شباب القريتين إذا رأوا في هذا الحادث مسا بشرفهم.
تنصرف العروس إلى تدبير شئون المنزل في اليوم الثامن لزواجها. وعليها أن تطبخ، وتسقي الماء من العين، وتقطع الحطب أحيانا. والنساء عندما يقمن بأشغالهن يشمرن أثوابهن ويشددنها بقمصانهن حتى تبلغ ما فوق الركبتين فتربط بالزنار؛ ولهذا كن يزين سراويلهن بالتدبيج والتطريز.
وفي المدن - حيث تقوم النساء بأشغال المنزل أيضا - تراهن يجلسن مقرفصات بعد أن يستعن بأعقابهن أو ركابهن. إنهن يغسلن ويعجن ويطبخن ويصنعن القهوة ويتحدثن أو يدخن وهن في إحدى هذه الجلسات. أما عندما يتعبن فيكون كرسيهن حجرا.
إن الدرزيات والمارونيات لا يلففن جميع جسدهن بملاءة غليظة أو شفافة كما هي عادة نساء المدن؛ فقطعة من القماش أو الحرير تبلغ مترين أو ثلاثة محكمة الوضع في قمة الطنطور تسترسل إلى الوراء حتى ثلثي جسدهن يحجبن بها وجوههن إذا دعت الضرورة إلى ذلك. والمسيحيات لا يحتجبن إلا عندما يشاهدن رجلا مسلما أو درزيا. أما نساء هذين الشعبين فيختفين عن أبصار جميع الرجال من أي طائفة كانوا.
إن عادة استعمال الطنطور ترجع إلى الدروز، والملاءة إلى مسيحيي كسروان. ثم ما لبث أن اتبع القسم الأكبر من هؤلاء - وعلى الأخص الذين يقطنون البلدان الدرزية - عادة لبس الطنطور.
إن الأميرات وزوجات المشايخ والأشراف كن يلبسن طناطير من ذهب، أما الذين يتعاطين الحرف فنطناطيرهن من الفضة يحلى قسم من مقدمتها بالذهب. إن طناطير الدروز قصيرة أكثر من غيرها، وطناطير نساء العقال والشعب خشبية أو مصنوعة من القرون.
أما عادة ارتداء الطرابيش الكبيرة فهي حديثة العهد، لم تتبع في الجبل إلا منذ حوالي مائة سنة. وهذا الزي قد أتي به من بغداد، مع أن هذه الطرابيش تصنع في تونس، ثم ما لبثت فرنسا أن قلدتها في ذلك.
وهذه العادة قد زالت عندما أخذت عادات مصر تعمل عملها في سوريا. فعودة الأمير بشير إلى الجبل، عام 1823 بعد حصار عكا، على إثر عصيان عبد الله باشا، أحدثت انقلابا كبيرا في أزياء الملبوسات؛ وهكذا استحسن الجميع ذوق الأمير لأن الأزياء التي درج عليها كانت فخمة جدا.
Bog aan la aqoon