U Dhexeeya Diinta iyo Cilmiga
بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
Noocyada
فإن من سوء حظ الكنيسة، بل ومن سوء حظ الإنسانية كلها أن يكون رئيس أساقفة «بيزا» في ذلك العصر رجلا متعصبا دساسا، دبر بإحكام طريقة الإحاطة بالفلكي الكبير والقبض عليه.
كتب «غاليليو» بعد أن حرمت الكنيسة مستكشفاته، إلى صديقه «كاستللي» وإلى الغراندوقة «كريستين» كتابين أراد أن يظهر فيهما أن ما وصل إليه من الحقائق الكونية من المستطاع جعلها توافق ظاهر التنزيل. ولقد حاول رئيس أساقفة «بيزا» بإشارة من محكمة التفتيش في روما أنه يحصل على الكتابين، وأن يظهرهما عند الحاجة؛ برهانا على أن غاليليو قد نفث سموم الهرطقة في تضاعيف اللاهوت، وفي تضاعيف المتون المنزلة، وبذلك يقع بين براثن محكمة التفتيش لهذا مت رئيس الأساقفة إلى «كاستللي» أن يريه الخطاب الأصلي المكتوب بخط «غاليليو» نفسه ولكن «كاستللي» رفض. وهنا تظاهر كبير الأساقفة «لكاستللي» إفكا وزورا بما يحمل في نفسه من كبير الاحترام لنبوغ «غاليليو» وأنه مشوق لأن يعرف أكثر مما عرف من مستكشافته، على الضد مما كان يكتب به إلى رئاسة محكمة التفتيش من الطعن والتحرض ضد «غاليليو». تلك حقيقة كشفتها البحوث الحديثة منذ عهد قريب. ولما أن أخفق في حيلته هذه خلع قناع الرياء، وأعلن الحرب صراحا.
إن رواية الوقعة التي دارت من حول «غاليليو» جانب لتحطيمه وجانب لنصرته، لشيء يلذ سماعه، لو لم يكن فيها من الأمثال أسوأها ومن الرذائل أشنعها، كانت دسائس من جانب يقوم من الجانب الآخر ما يفسدها، وكانت مؤامرات في ناحية يدبر في ناحية أخرى ما يحبطها، وكان كذب وكان تجسس، ومن وراء كل هذه الدنايات جماهير غفيرة من قساوسة وأساقفة ورؤساء أساقفة وكرادلة، وبابوان هما بولص الخامس
وأربان الثامن
Urpan VIII
تغلي مراجل صدورهم، متجادلين متشاحنين، مولولين منادين بالويل والثبور، وعظائم الأمور.
غير أن القوات المتناحرة كانت شديدة المرة. ففي سنة 1615 دعي «غاليليو» ليقف أمام محكمة التفتيش في روما، وبذلك تهيأت تلك الحفرة العميقة التي طالما عمل العاملون على حفرها تحت قدميه. وعهد إلى فئات منوعة من لاهوتيي محكمة التفتيش أن يبحثوا قضيتين استمدتا مما كتب «غاليليو» في كلف الشمس، فظلوا يبحثون شهرا من الزمان، ثم أصدروا قرارهم فقالوا بأن «القضية الأولى» - قضية أن الشمس ثابتة في مركز النظام الكوني وأنها لا تدور حول الأرض - تجديف مضاد للبديهة ومناقض لقضايا اللاهوت، وأنها هرطقة لمعارضتها تصريحات لنصوص الكتاب المقدس. وأما القضية الثانية - قضية أن الأرض ليست في مركز النظام الكوني، ولكنها تدور من حول الشمس - فأمر مناقض للبديهة منقوض في الفلسفة، وفيه من وجهة النظر اللاهوتي منافاة للمعتقد الصحيح.
هنا تدخل البابا بولص الخامس بنفسه في الأمر مرة ثانية، وأمر أن يقف «غاليليو» أمام محكمة التفتيش ليجيب على التهم الموجهة إليه، فوقف أعظم عالم أقلته الأرض في زمانه، أمام أعظم لاهوتي أظلته السماء في القرن السابع عشر. وقف «غاليليو» أمام «بيلارمين». وشرح «بيلارمين» لغاليليو خطأ رأيه وأمره أن يقلع عنه. أما «ده لودا»
De louda
فقد تزود من البابا بخطاب حمله إلى محكمة التفتيش يأمر فيه بأن يلقى الفلكي العظيم في أعماق سجون التفتيش، ما لم يقلع عن رأيه ويعلن عن فساده. وهنا أمر «بيلارمين» «غاليليو» أن يذعن «باسم قداسة البابا وباسم كل المجامع التابعة للبلاط المقدس، مقلعا عن الاعتقاد بالرأي القائل بأن الشمس مركز النظام الكوني وأنها ثابتة، وأن الأرض تتحرك، وأن لا يلقن هذا الرأي لأحد أو يدافع عنه أو ينشره بأية وسيلة شفويا أو تحريرا.»
Bog aan la aqoon