والحقيقة أن شوقي فوق صداقتنا المتينة كان يعجبني جدا، وكنت شديد الحماس لشخصه وآرائه، وأعتبر كلامه وتصرفاته عيون الحكمة، ولكن الشيء الذي لم أكن أستطيع أن أغفره له هو كيف استطاع رغم كل عبقريته تلك أن يتزوج تلك الزيجة التي كنا نلمس جميعا مبلغ خطئها وبشاعتها.
طالت جلستي مع شوقي وجرنا الحديث إلى موضوع الساعة، موقفنا من عبد المعطي النبوي رئيس تحرير المجلة السابق الذي حل شوقي محله بعد أن حكم عليه بالسجن، وقبل أن نختلف ويرتفع صوتنا ككل مرة نطرق فيها هذا الموضوع، قال شوقي وهو يخبط جبهته بيده: اسمع، أنا نسيت حاجة.
ثم أخذ يكلم نفسه وكأنما ليذكر: أيوه، أنا كنت جاي أقول لك إيه ... إيه؟ آه، افتكرت، أبلغك تكليف من مجلس التحرير، أيوه، اسمع يا سيدي.
قال شوقي: إن المجلة لديها مشروع لترجمة مقتطفات منها إلى اللغة الفرنسية بشكل دوري في باريس وشمال أفريقيا، وإنهم بحثوا فلم يجدوا إلا فتاة من أصل فرنسي هي التي يبلغ إتقانها للفرنسية درجة تؤهلها لهذا العمل، كل ما في الأمر أن لغتها العربية في حاجة لتقويم وتدعيم.
وسكت شوقي فقلت: وما علاقتي أنا بهذا؟
قال: علاقتك أنك مكلف بتقويتها في اللغة العربية.
وكادت ضحكة عريضة تنفجر من صدري، وظللت أخنقها حتى استحالت إلى ابتسامة باهتة صبغت ملامحي، وقلت لأداري انفعالي: ومتى بإذن الله يبدأ هذا التكليف؟ - أنت حر، من الغد يمكنك أن تبدأ ، وعلى العموم أنا أخذت لك موعدا منها الليلة، فروح قابلها واتفق معاها.
قلت: الليلة امتى؟ - الساعة ثمانية.
وهمست لنفسي من وراء إرادتي ووعيي وإدراكي: أتكون هي دوائي؟
وكدت أدعو كالأرامل وأقول: يا رب!
Bog aan la aqoon