قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا: إباحة الصلاة والأمر بها قبل الجمعة في الوقت الذي تجوز فيه الصلاة، ولا أعلم في ذلك حدا موقوتا، وفي بعض قولهم: إنه لا بأس والخطيب يخطب يوم الجمعة، وفي بعض قولهم إن ذلك حدث وبدعة، لعل المعنى فيه أنه لم يكن في الأصل، وإن لم يكن /48/ بدعة مكفرة، وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الرجل بالصلاة وثبت ذلك فهو أولى ما استجيز وعمل به، ويخرج ذلك عندي لتحية المسجد؛ لأنه قد ثبت عنه أنه قال: لكل شيء تحية وتحية المسجد ركعتان إذا دخله الداخل، لم يعقد حتى يصليهما في بعض الرواية ولا أعلم لزوم ذلك فرضا. ويخرج عندي من الفضائل، وعندي أنه ما لم يحرم الإمام فالصلاة غير محجورة في المسجد، إلا أن ترك الصلاة يخرج في معاني الأصول أنه أصح إذا قام الخطيب يخطب؛ لأن الصلاة ذكر لا صمت، كذلك معاني الاتفاق يوجبه، والصمت غيرها، وحق الجمعة الصمت منذ يقوم الخطيب يخطب إلى تمام الصلاة، وإذا ثبت معنى هذا فالداخل كالقاعد في المسجد قبل ذلك. [بيان، 15/48]
ومن كتاب الأشراف: ذكر عدد الخطبة يوم الجمعة، والجلسة بين الخطبتين. قال أبو بكر: ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب الخطبتين وهو قائم، يفضل بينهما بجلوس، وقد اختلفوا فيه، وكان عطاء بن أبي رباح يقول: ما جلس النبي - صلى الله عليه وسلم - على منبر حتى مات، ما كان يخطب إلا قائما، فأول من جلس عثمان بن عفان في آخر زمانه حين كبر، وكان هنيهة ثم يقوم، وكان المغيرة بن شعبة يجلس على المنبر، ويؤذن له ابن التياح، فإذا فرغ قام المغيرة فخطب، ثم لم يجلس حتى ينزل. قال أبو بكر: والذي عليه عمل الناس بما تفعله الأئمة اليوم.
Bogga 112