قال أبو سعيد: هكذا يخرج عندي في معاني قول أصحابنا في فعلهم وقولهم: إن الخطيب يستقبل الناس بالخطبة للجمعة، والناس يستقبلونه كهيئتهم في الصلاة إن أمكن ذلك، وإن لم يمكن ذلك فلا أجد مانعا يمنع ذلك؛ لأنه قد خرج في معاني الاتفاق من قول أصحابنا، ولعله من غيرهم أنه لو يحضر الخطبة وأدرك الصلاة أن صلاته تامة، وكذلك لو أدرك منها مع أصحابه ركعة أو حدا أبدل صلاة الجمعة بتمام الركعتين بقراءة فاتحة الكتاب والقرآن. [بيان، 15/43] ومن كتاب الأشراف قال أبو بكر: واختلفوا في الإمام يخطب ويصلي غيره، فكان سفيان الثوري وأبو ثور وأصحاب الرأي يقولون: لا يصلي إلا من شهد الخطبة, وقال الأوزاعي: يصلي الجمعة من لم يحضر الخطبة، وقال أحمد: إن شاء قدم من شهد الخطبة أو لم يشهد الخطبة إذا كان عذر، ولا يعجبني ذلك إلا من عذر. وقال الشافعي: إذا دخل المأموم قبل أن يحدثه فإن له أن يصلي بهم ركعتين وتكون له جمعة.
قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في معاني الاتفاق من قول أصحابنا أنه جائز أن يكون الخطيب غير الإمام الذي يصلي، وجائز أن يكون الخطيب والإمام غير الإمام المنصوب له الإمامة الذي يصلي، وجائز أن يكون الخطيب والإمام في الصلاة غير الإمام المنصوب له الإمامة، إذا كان ذلك بأمر من الإمام. ومعي أنه يخرج في /46/ معاني قولهم في الأمر أنه لا يخطب الخطيب حتى يحضر الإمام الذي يصلي، وأرجو أنه يخرج في قولهم: إنه إن فاته استماع الخطبة أو شيء منها إذا وافى الصلاة حتى يفرغ الخطيب من خطبته، إنه لا يكون بين الخطبة وبين الصلاة قطع، إلا بمعنى ما لا يكون قطعا للصلاة، وقد قيل إنه من حين ما يسكت الخطيب يأخذ المؤذن في الإقامة، ويقوم الإمام في الصلاة، فإذا وافى هذا المعنى خرج عندي من معنى قولهم: إنه قد أدرك الصلاة لأنه كواحد حضر الجمعة.
Bogga 110