ومنه قال أبو بكر في حديث عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر فأوتروا قبل الفجر"، وأجمع أهل العلم على أن ما بين صلاة العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر وقت الوتر. واختلفوا فيمن لم يوتر حتى طلع الفجر، فقالت طائفة: إذا طلع الفجر فقد فات الوتر، كذلك قال عطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير، وقال سفيان الثوري وإسحاق بن راهويه وأصحاب الرأي: الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر. وروينا عن ابن مسعود أنه قال: الوتر ما بين صلاتين، وروي عن ابن عباس أنه أوتر بعد طلوع الفجر، وروي ذلك عن ابن عمر، ممن روي عنه أنه أوتر بعد الفجر عبادة بن الصامت وأبو الدرداء وحذيفة بن اليمان وابن مسعود وعائشة أم المؤمنين. وقال مالك بن أنس والشافعي وأحمد بن حنبل: يوتر ما لم يصل يصبح، ورخص سفيان الثوري والأوزاعي بعد طلوع الفجر. وقال إبراهيم النخعي والحين البصري والشعبي: إذا صلى الغداة فلا يوتر. وقال أيوب السجستاني وحميد الطويل: إن أكثر وترنا بعد طلوع الفجر. وفيه قول ثالث: وهو أن يصلي الوتر وإن صلى الصبح، هذا قول طاووس، وكان النعمان يقول: عليه قضاء الوتر، وإن صلى الوتر إذا لم يكن أوتر. وفيه قول رابع: وهو أن يصلي الوتر وإن طلعت الشمس، هذا القول عن عطاء بن أبي رباح وطاووس ومجاهد /9/ والحسن البصري والشعبي وحماد بن أبي سليمان، وبه قال الأوزاعي وأبو ثور، وقال سعيد بن جبير فيمن فاته الوتر: يوتر في القابلة. وفيه قول خامس، واختلفوا في من ذكر الوتر وهو في صلاة الصبح فقال الحسن: يوتر ثم يصلي الصبح، وكذلك قال مالك: إذا كان نسي وتر ليلة، وكذلك يفعل عند تلك، إذا كان خلف الإمام. وحكى أبو ثور عن الشافعي أنه قال فيمن صلى الفجر وعليه الوتر: صلاته تامة، وبه قال الثوري، وكذلك يعقوب ومحمد ويوتر إن شاء.
Bogga 42