.. هلا تكلفتم قولا أَمر بِهِ
وهيهات جوهركم قد عَاد لي عرضا
تفضلوا واشرحوا صَدْرِي بقربكم
أَو فاشرحوا ذَلِك الْمَعْنى الَّذِي غمضا
أنهضتموني بعبء من جفائكم
لَو أَنه فَوق سامي الطود مَا نهضا
وسمتموني فِي تكليفكم شططا
فَمَا الَّذِي لي من إعراضكم عرضا
أنفدت نقد دموعي لاشتياقكم
فحين أفنيته عاودت مقترضا ...
وَلما وقف القَاضِي شمس الدّين على الأبيات وَكَانَ ثَابت الْحلم حَلِيم الثَّبَات وَله خاطر وقاد خَبِير بصناعة النّظم نقاد وَله فِي ودي بِالصّدقِ اعْتِقَاد ولسري بالبحث افتقاد فَكتب إِلَيّ فِي الْجَواب مَا جعلته من طرز هَذَا الْكتاب ... أرْسلت سهم عتاب قد جعلت لَهُ
قلبِي وان لم تكن عينته غَرضا
فصرت كالدهر يجني أَهله آسفا
ويلتقي من عتاب المذنب المضضا
لَا تشك من زمن نبهت حَادِثَة
فالمجد أصبح من شكواك ممتعضا
وكل ذَنْب إِذا مَا عِشْت مغتفر
وكل سخط نلاقي مِنْك فَهُوَ رضَا
لما فرضتم على قلبِي مودتكم
جعلتم نصبي فِي الْحبّ مفترضا
لَا تنسبوني إِلَى إِيثَار بعدكم
فلست أرضي إِذا مَا فارقكم عوضا
ولي وداد تولى الصدْق عقدته
فَمَا ترَاهُ على الْأَيَّام منتقضا
يلقاك قلبِي على سبك العتاب لَهُ
بِصِحَّة لَيْسَ يخْشَى بعْدهَا مَرضا
حرضتموني على ذكرى عتابكم
فصرت من طول تذكاري لكم حرضا
هِيَ اللَّيَالِي تسوم الْمَرْء جوهره
فتشتريه وتعطيه المنى عرضا
سرى خيال المنى فِي ليل لمته
وَعَاد لماتها صبح المشيب أضا
وَإِنَّمَا ذَاك رعد برقه ومضا
فهيج الشوق فِي أحشائنا وَمضى
سرى الهوينا وأغرى بِي تلفته
فحين أرْسلت قلبِي خَلفه ركضا
هبها ترد سُرُورًا فَاتَ أَكْثَره
فَهَل يُعِيد شبَابًا بالمشيب قضى ...
3 / 35