صديق وأشفق وأرفق رَفِيق وَقد تصاحبنا فِي الْأَيَّام النورية وتوافقنا على الْمصَالح الْكُلية والجزئية واستشرته فِي التَّأَخُّر عَن السُّلْطَان وأذكر لَهُ بِقدر الْإِمْكَان فَكتب بِالْجَوَابِ وَأَشَارَ بِالصَّوَابِ وَقَالَ رافقه وَلَا تُفَارِقهُ وَفِي ركُوب المشاق لَا تشاققه فَإِنَّهُ يعرف لَك حَقك وَيعلم عزمك وصدقك فَكرِهت رَأْيه فَكتبت إِلَيْهِ وتلوت سور الْخطر وَآيَة عَلَيْهِ وضمنت الْكتاب هَذِه الأبيات وَقد دونتها بالإثبات الْبَسِيط ... إِذا رَضِيتُمْ بمكروهي فَذَاك رضى
لَا أَبْتَغِي غير مَا تبغون لي غَرضا
وَإِن رَأَيْتُمْ شِفَاء الْقلب فِي مرضِي
فإنني مستطيب ذَلِك المرضا
أَصبَحت ممتعضا من أجل أَنِّي لَا
أرْضى صديقا لما أَلْقَاهُ ممتعضا
أَن رمتم عوضا لي فِي محبتكم
فحاش لله أَن أبغي بكم عوضا
لله عَيْش تقضي عنْدكُمْ وَمضى
وَكَانَ مثل سَحَاب برقه ومضا
الْعَيْش دَان جناه الغض عنْدكُمْ
وَالْقلب محترق مني بجمر غضا
كَأَن فِي تَعب المشتاق راحتكم
فقد غَدا بعدكم من شوقكم حرضا
لم عَاد مُحكم أس الود منهدما
وَصَارَ مبرم حَبل الْعَهْد منتقضا
مَا كنت أَعهد مِنْكُم ذَا الْجفَاء وَلَا
حسبت أَن وَادي عنْدكُمْ رفضا
قد أظلم الْأُفق فِي عَيْني بغيبتكم
فان أذنتم لشخصي فِي الْحُضُور أضا
وَلست أول صب من أحبته
لما جفوا مَا قضى أوطاره وَقضى
نضا الضنا عَنهُ ثوبا لَان لابسه
من صِحَة فأعيدوا مَا ضناه نضا
مروا بِمَا شِئْتُم من محنة وأذى
فقد رَأَيْت امْتِثَال الْأَمر مفترضا
وَأَرْسلُوا الطيف عِنْدِي نَائِبا لكم
إِذا رَأَيْتُمْ بِأَن لَا تمنعوا الغمضا
ضَاقَ الفضاء الَّذِي فِيهِ نسير وَهل
يكون فِي فرقة الاحباب رحب فضا
طُوبَى لكم مصر وَالدَّار الَّتِي قضيت
فِيهَا المآرب والعيش الَّذِي خفضا
بعيشكم أَن خلوتم بانبساطكم
تَذكرُوا ضجرا بالعيش منقبضا
رَضِيتُمْ سَفَرِي عَنْكُم واعهدكم
بسفرتي عَنْكُم لَا تظْهرُونَ رضى
فَهَل ثقلت عَلَيْكُم إِذْ محضتكم
ودي كَذَلِك من فِي وده مَحْضا ...
3 / 34