وكان جمال «أليس» وهي على تلك الحالة في كمال ما عهد به من قبل ولكن تغير تجليه، فكانت رشاقة حركاتها ومبالغتها في الاهتمام بملبسها وزينتها وكل ما حولها أظهر منها في الأيام السالفة، لكنها قد استبدلت حدة مزاجها وهاتيك اللحاظ التي هي كالنبال بسكينة تدل على أنها ضائعة القوة، واهنة العزم، لا تملك من الحياة إلا بقية، فكأنما أغار اليأس على تلك الطبيعة القوية فلم تقاومه، بل وسعت له عندها مكانا، وكان «ڤكتور» ينظر إليها هائما في أودية التأمل، فلم يجبها على سؤالها الأخير، فقالت: أي «ڤكتور»، هل مسك ألم من تحتم الفراق؟ وهل علمت أن ليس بعده من تلاق؟ فذكرت قول من قال في مثل هذه الحال:
وكنا كندماني جذيمة صحبة
من الدهر حتى قيل لن تتصدعا
فلما تفارقنا كأني ومالكا
لطول افتراق لم نبت ليلة معا
ثم هل رأيت السلو سهلا؟ وهل طاب لك العيش من بعدي؟!
غيري على السلوان قادر
وسواي في العشاق غادر
لي في الغرام سريرة
والله أعلم بالسرائر - فلا تكلميني هذا الكلام، فهو أشد من الكلام بل هو الموت الزؤام، وقد صرفت الأسبوع متقلبا مما نحن فيه على شوك القتاد، أرى النهار مظلما ولا أكاد أذوق في الليل الرقاد.
Bog aan la aqoon