Barisiyya Hasna

Adib Ishaq d. 1301 AH
4

Barisiyya Hasna

الباريسية الحسناء

Noocyada

وتمنى غيرهم لو جعلت

في جبين الليث أو قلب الفلك

وصواب القول لا يجهله

حاكم في مسلك الحق سلك

إنما المرأة مرآة بها

كل ما تنظره منك ولك

فهي شيطان إذا أفسدتها

وإذا أصلحتها فهي ملك

أجل، ومن أسوأ الأمور تصريفا بين الناس أمر الزواج؛ فقد كثرت فيه المصائب، وتلونت من جراء اختلاله النوائب، وأكثر ما تكون مرارته في أيامه الأولى على كونها المسماة بأيام العسل؛ لأن الغالب فيها اقتران فتاة سليمة النية، ساذجة النفس، معرضة القلب لأنواع التأثر وضروب الانفعال برجل علم ورأى، وامتحن الأشياء حتى لم يبق في نفسه شعة من النور، فصار قاسيا فظا محبا لذاته ولن يبرح كذلك ما دام حيا، أو برجل لا يزال في نفسه بقية من الصبابة، يثيرها ما يجد في عرسه من عواطف الشباب الطاهرة النقية، فيكشف لها سر الحب، وقوة الوجد، ولذاذات الهوى، حتى إذا مالت بكليتها إليه، وعولت في مستقبل سعادتها عليه، وانخدعت بما عرفت من لذة الحياة، واغترت بما علمت من سر المحبة، أغلق من دونها باب هذا الفردوس، وأهبطها منه قائلا: لقد رأيت أحلاما، وصار هذا المقام عليك حراما، نعم، إنك لم تتجاوزي العشرين سنا، ولم يزل شبابك غضا، ولكن قلبي قد جف، بل مات، ولست بقادر على رد ما فات، فاصبري على اليأس الموجود، أو اندبي الرجاء المفقود، وحذار أن تلتمسي منه بدلا عند غيري من الناس؛ فإنك لن تفوزي بحلم ساعة من هذا البدل أو تفقدي فيه الراحة والسعادة وبقية الأمل، وتكوني هدفا لسهام الاحتقار مني ومن نفسك ومن سائر الأنام، ويكون ما تذرفين من الدمع غشاوة على ما ترين من الابتسام، ثم تزادي على ما فيك من الندم قلقا واضطرابا، وعلى ما أسومك من الهجر بأسا واكتئابا . نعم، هذا مصير النساء في كثير من أحوال هذا الزمان، وهن مع ذلك متهمات مذمومات بكل لسان. آه لو علم المنصفون بما يعانين من العناء، ولو رأى العادلون ما يقاسين من البأساء، ولو درى أهل الحق بما يقاومن من عاديات البلاء، لبذلوا لهن الرحمة والشفقة بدل الملام والتعنيف، وقالوا فيهن قول الإنجيل الشريف: «من كان منكم بلا وزر فليرجم الخاطئ بالحجر الأول.» وهيهات أن يوجد في الناس من يتجرأ على ذلك ولا يكون من الكاذبين.

تمهيد

Bog aan la aqoon