وقال الشاطبي في "الاعتصام" (2/655): (إن ظاهره يدل على أن ما رآه المسلمون بجملتهم حسنا؛ فهو حسن، والأمة لا تجتمع على باطل، فاجتماعهم على حسن شيء يدل على حسنه شرعا؛ لأن الإجماع يتضمن دليلا شرعيا") (¬1) .
وقال الإمام ابن حزم في "الإحكام في أصول الأحكام" (6/197): بعد ان ذكر اثر ابن مسعود رضي الله عنه: ( فهذا هو الإجماع الذي لا يجوز خلافه لو تيقن، وليس ما رآه بعض المسلمين أولى بالاتباع مما رآه غيرهم من المسلمين، ولو كان ذلك لكنا مأمورين بالشيء وضده، وبفعل شيء وتركه معا، وهذا محال لا سبيل إليه) اه.
وقال العز بن عبد السلام في"فتاوى العز بن عبد السلام"(ص379): "إن صح الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فالمراد بالمسلمين أهل الإجماع" اه.
(وهنا نقول لمن استدل بهذا الأثر على أن هناك بدعة حسنة: هل تستطيع أن تأتي ببدعة واحدة أجمع المسلمون على حسنها؟
إن هذا من المستحيل ولا شك، فليس هناك بدعة أجمع المسلمون على حسنها ولله الحمد.
ثالثا: كيف يستدل بكلام هذا الصحابي الجليل على تحسين شيء من البدع، مع أنه رضي الله عنه كان من أشد الصحابة نهيا عن البدع وتحذيرا منها، وهو القائل كما مر معنا "اتبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كفيتم، وكل بدعة ضلالة" رواه الدارمي في سننه) (¬2) .
الشبهة الثالثة: (يقولون: ليست (كل) في حديث: { كل بدعة ضلالة } على عمومها، بدليل أن الله سبحانه يقول: { تدمر كل شيء بأمر ربها } ]الأحقاف:25[ والريح لم تدمر (كل) شيء، فدل على أن (كل) ليست على عمومها! .
الجواب: إن (كل) على عمومها هنا أيضا، إذ هي دمرت (كل) شيء أمرها به ربها،
لا (كل) شيء في الدنيا!!
وعلى هذا قول المفسرين:
Bogga 32