الأول: أن المراد به إجماع الصحابة واتفاقهم على أمر، كما يدل عليه السياق، ويؤيده استدلال ابن مسعود رضي الله عنه به على إجماع الصحابة على انتخاب أبي بكر خليفة (حيث قال: "إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته ،ثم نظر في قلوب العباد، بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوا سيئا، فهو عند الله سيئ" أخرجه أحمد (1/379)، وروى الحاكم الجملة الأخيرة، وزاد: "وقد رأى الصحابة جميعا أن يستخلفوا أبا بكر") (¬1) .
وعليه؛ فاللام في "المسلمون" ليس للاستغراق كما يتوهمون، بل للعهد.
الثاني: سلمنا أنه للاستغراق، ولكن ليس المراد به قطعا كل فرد من المسلمين، ولو كان جاهلا لا يفقه من العلم شيئا؛ فلا بد إذن من أن يحمل على أهل العلم منهم، وهذا مما لا مفر لهم منه فيما أظن) .
قلت: ومما يزيد كلامه - حفظه الله - وضوحا الأمور التالية:
1 - أنه قد بوب له جماعة من أهل الحديث في "باب الإجماع" ، كما في "كشف الأستار عن زوائد البزار" (1/81)، و"مجمع الزوائد" (1/177)، وغيرهما.
2 - استدل به كثير من العلماء على الإجماع:
قال ابن كثير: "وهذا الأثر فيه حكاية إجماع عن الصحابة في تقديم الصديق، والأمر كما قاله ابن مسعود".
وقال ابن القيم في "الفروسية" (ص60) بعد إيراده، ردا على المستدلين به: "في هذا الأثر دليل على أن ما أجمع عليه المسلمون ورأوه حسنا؛ فهو عند الله حسن، لا ما رآه بعضهم! فهو حجة عليكم".
وقال ابن قدامة في "روضة الناظر"(ص86): " الخبر دليل على أن الإجماع حجة،
ولا خلف فيه".
Bogga 31