Badda Muhit ee Usool al-Fiqh

Al-Zarkashi d. 794 AH
90

Badda Muhit ee Usool al-Fiqh

البحر المحيط في أصول الفقه

Daabacaha

دار الكتبي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1414 AH

Goobta Daabacaadda

القاهرة

لَك عِنْدَهُ الْعِلْمُ؟ لَمْ يَفْطِنْ لِذَلِكَ. وَكَذَلِكَ الْعُلُومُ الْعَادِيَّةُ بِجُمْلَتِهَا. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ الْعُلُومِ مَا يَقُومُ بِالنَّفْسِ وَلَا تَشْعُرُ النَّفْسُ بِهِ أَوَّلَ قِيَامِهِ، وَهُوَ مِنْ الْعَجَبِ. الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْعُلُومَ تَتَفَاوَتُ كَمَا بَيَّنَّا، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْبَدِيهِيَّاتِ وَالْحِسِّيَّاتِ رَاجِحَةٌ عَلَى النَّظَرِيَّاتِ، وَأَمَّا أَنَّ الْبَدِيهِيَّاتِ تَتَرَجَّحُ عَلَى الْحِسِّيَّاتِ أَوْ الْعَكْسُ، فَمَحَلُّ نَظَرٌ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَرَجَّحَ بَعْضُ الْبَدِيهِيَّاتِ عَلَى بَعْضٍ، وَكَذَا الضَّرُورِيَّاتُ وَالنَّظَرِيَّاتُ، فَإِنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُقَدِّمَاتُهُ أَجْلَى وَأَقَلَّ كَانَ رَاجِحًا عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلِهَذَا يَجِدُ الْإِنْسَانُ تَفْرِقَةً بَيْنَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْوَاحِدَ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ، وَأَنَّ الْكُلَّ أَعْظَمُ مِنْ الْجُزْءِ، وَبَيْنَ عِلْمِهِ بِثُبُوتِ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ وَالْخَلَاءِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمَسَائِلِ النَّظَرِيَّةِ الْيَقِينِيَّةِ مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقِينِيًّا عَلَى اعْتِقَادِهِ. لَا يُقَالُ: إنَّهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي كُلِّ نَظَرِيٍّ، فَلَمْ يَحْصُلْ الْجَزْمُ بِشَيْءٍ مِنْهَا. الثَّالِثُ: قَالَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْأَخْبَارِ مِنْ الْبُرْهَانِ ": الْعُلُومُ الْحَاصِلَةُ عَنْ حُكْمِ الْعَادَاتِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، وَلَا تَنْضَبِطُ انْضِبَاطَ الْمَحْدُودَاتِ، وَهَذَا كَالْعِلْمِ بِخَجَلِ الْخَجِلِ، وَوَجِلِ الْوَجِلِ، وَغَضَبِ الْغَضْبَانِ، فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الْقَرَائِنُ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا عُلُومٌ بَدِيهِيَّةٌ لَا يَأْبَاهَا إلَّا جَاحِدٌ، وَلَوْ رَامَ وَاجِدُهَا ضَبْطَهَا لَمْ يَقْدِرْ

1 / 92