Badda Muhit ee Usool al-Fiqh

Al-Zarkashi d. 794 AH
78

Badda Muhit ee Usool al-Fiqh

البحر المحيط في أصول الفقه

Daabacaha

دار الكتبي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1414 AH

Goobta Daabacaadda

القاهرة

وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بَيْنَ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ وَالْأَفْضَلِ الْخُونَجِيِّ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ عَدَمَ التَّفَاوُتِ، وَعَكَسَ الْخُونَجِيُّ. قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَلِأَجْلِ التَّفَاوُتِ قَالَ أَهْلُ الْحَقِّ: رُؤْيَةُ اللَّهِ يَعْنِي فِي الْآخِرَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ عِبَارَةٌ عَنْ خَلْقِ عِلْمٍ بِهِ هُوَ أَجْلَى مِنْ مُطْلَقِ الْعِلْمِ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ إدْرَاكِ الْحِسِّ إلَى الْمُحَسِّ بِهِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ سَمَاعُ الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ. قَالَ: وَهَذِهِ عَقَائِدُ لَا تَتَأَتَّى إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّفَاوُتِ. اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الصَّيْرَفِيِّ أَنَّهُ لَا تَتَفَاوَتُ. قَالَ: وَإِنَّمَا جَاءَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ بَعْضَ الدَّلَائِلِ أَوْضَحُ مِنْ بَعْضٍ كَالْبَصَرِ الْمُدْرِكِ لِمَا قَرُبَ إلَيْهِ إدْرَاكًا بِخِلَافِ مَا بَعُدَ مِنْهُ عَنْ الْمَسَافَةِ، وَإِنْ كَانَ الْإِدْرَاكُ مِنْ جَوْهَرٍ وَاحِدٍ، فَمِنْهُ مَا يَقَعُ جَلِيًّا، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مَعَ التَّحْدِيقِ وَالتَّأَمُّلِ، وَكَذَلِكَ مَنْزِلَةُ الْفِكْرِ وَالتَّدَبُّرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ تَفَاوُتُهَا، فَإِنَّهُ قَالَ: امْتَحَنَ اللَّهُ عِبَادَهُ، وَفَرَّقَ بَيْنَ وُجُوهِ الْعِلْمِ، فَجَعَلَ مِنْهُ الْخَفِيَّ وَمِنْهُ الْجَلِيَّ؛ لِأَنَّ الدَّلَائِلَ لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا جَلِيَّةً لَارْتَفَعَ التَّنَازُعُ وَزَالَ الِاخْتِلَافُ، وَمَا اُحْتِيجَ إلَى تَدَبُّرٍ وَفِكْرٍ، وَلَبَطَلَ الِابْتِلَاءُ، وَلَمْ يَقَعْ الِامْتِحَانُ، وَلَا وُجِدَ شَكٌّ وَلَا ظَنٌّ وَلَا جَهْلٌ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ حِينَئِذٍ يَكُونُ طَبَقًا. وَلَوْ كَانَتْ كُلُّهَا خَفِيَّةً لَمْ يُتَوَصَّلْ إلَى مَعْرِفَةِ شَيْءٍ مِنْهَا، إذْ الْخَفِيُّ لَا يُعْلَمُ بِنَفْسِهِ، وَإِلَّا لَكَانَ جَلِيًّا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ [آل عمران: ٧] قَالَ: وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَفِيٍّ وَلَا جَلِيٍّ ثَبَتَ أَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ جَلِيٌّ، وَمِنْهُ مَا هُوَ خَفِيٌّ. اهـ

1 / 80