146

Badda Muhit ee Usool al-Fiqh

البحر المحيط في أصول الفقه

Daabacaha

دار الكتبي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1414 AH

Goobta Daabacaadda

القاهرة

أَمَّا بِاعْتِبَارِ الْكُلِّيِّ الْمَجْمُوعِيِّ فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُؤْتَى بِلَفْظِ " كُلٍّ " فِي الْحُدُودِ؛ لِأَنَّ الْمَحْدُودَ حِينَئِذٍ الْمَاهِيَّةُ الْمُرَكَّبَةُ مِنْ أَجْزَاءٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُرَادَةٍ بِلَفْظِ " كُلٍّ "، وَالْحَدُّ لِمَجْمُوعِهَا، إذْ لَا مَانِعَ أَنْ تُحِدَّ شَيْئًا وَاحِدًا مُرَكَّبًا مِنْ أَجْزَاءٍ خَارِجِيَّةٍ يَنْفَصِلُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ وَذَلِكَ كَثِيرٌ.
وَمِنْ هَاهُنَا يَظْهَرُ أَنَّ الْكُلِّيَّ لَا يَجُوزُ تَصْدِيرُ حَدِّهِ بِلَفْظَةِ " كُلٍّ "؛ لِأَنَّ الْحَدَّ فِيهِ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ الْكُلِّيَّةِ، وَ" كُلٌّ " مَوْضُوعُهَا كُلِّيَّةٌ. وَمِنْ اللَّفْظِيَّةِ تَوَقِّي الْأَلْفَاظِ الْغَرِيبَةِ الْوَحْشِيَّةِ وَالِاشْتِرَاكِ [وَ] الْإِجْمَالِ وَالتَّكْرَارِ وَالْمَجَازِ غَيْرِ الشَّائِعِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ لِبُعْدِ الْبَيَانِ، فَإِنْ اقْتَرَنَتْ قَرِينَةُ مَعْرِفَةٍ فَفِيهِ خِلَافٌ. قَالَ الْأَنْبَارِيُّ: وَالصَّحِيحُ: الْقَبُولُ، وَالْأَحْسَنُ: التَّرْكُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنْ كَانَ اللَّفْظُ نَصًّا فَهُوَ أَحْسَنُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْحُدُودِ، وَكَذَا إنْ كَانَ ظَاهِرًا وَاحْتِمَالُهُ بَعِيدٌ. فَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا أَوْ مُلْتَبِسًا فَلَا يَصِحُّ اسْتِعْمَالُهُ مُجَرَّدًا عَنْ الْقَرِينَةِ بِحَالٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهِ مَعَ الْقَرِينَةِ الْمَقَالِيَّةِ كَقَوْلِنَا: الْعِلْمُ الثِّقَةُ بِالْمَعْلُومِ، فَإِنَّ الثِّقَةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْأَمَانَةِ وَالْعِلْمِ: لَكِنَّ ذِكْرَ الْمَعْلُومِ يَقْطَعُ ذَلِكَ الِاشْتِرَاكَ، وَيُبَيِّنُ مَقْصُودَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْهُ. وَهَلْ يَكُونُ اقْتِرَانُ الْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ بَيْنَ الْمُتَخَاطِبِينَ يَقُومُ مَقَامَ الْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ؟ هَذَا أَيْضًا مُخْتَلَفٌ فِيهِ. اهـ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْإِفَادَةِ ": اخْتَلَفُوا فِي التَّحْدِيدِ بِالْمَجَازِ، فَأَجَازَهُ قَوْمٌ، وَمَنَعَهُ آخَرُونَ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوَصْفِ اللَّازِمِ، وَالْمَجَازُ غَيْرُ لَازِمٍ. وَالصَّحِيحُ: جَوَازُهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّبْيِينُ، وَقَالَ الْمُقْتَرِحُ: اخْتَلَفُوا فِي أَلْفَاظِ الِاسْتِعَارَةِ وَالْمَجَازِ هَلْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْحُدُودِ؟ فَقِيلَ: بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ اللَّبْسِ عِنْدَ السَّامِعِ، وَقِيلَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى الْجُمْلَةِ.

1 / 148