Badda Muhit ee Usool al-Fiqh

Al-Zarkashi d. 794 AH
122

Badda Muhit ee Usool al-Fiqh

البحر المحيط في أصول الفقه

Daabacaha

دار الكتبي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1414 AH

Goobta Daabacaadda

القاهرة

مِنْ كَلَامِهِمْ فَخَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ لَهَا آلَةٌ وَلَا هِيَ مَنْسُوبَةٌ إلَى عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ، وَإِنَّمَا الَّذِي، يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِ. هَلْ هِيَ الْقُوَّةُ الْمُفَكِّرَةُ الَّتِي تُنْسَبُ إلَى الدِّمَاغِ؟ وَهِيَ مُلْتَبِسَةٌ بِالْقُوَّةِ النَّاطِقَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ: كَوْنُهَا مُخْتَصَّةً بِالْإِنْسَانِ، وَكَوْنُهَا مُمَيِّزَةً، وَلِهَذَا الِالْتِبَاسِ ظَنُّوا أَنَّهَا الْقُوَّةُ النَّاطِقَةُ، وَحَكَوْا فِيهَا الْخِلَافَ. وَاَلَّذِي غَلَّطَهُمْ فِي ذَلِكَ عَكْسُ الْقَضِيَّةِ الْمُوجَبَةِ الْكُلِّيَّةِ مِثْلَ نَفْسِهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْقُوَّةُ النَّاطِقَةُ مُمَيِّزَةً مُخْتَصَّةً بِالْإِنْسَانِ عَكَسُوا الْقَضِيَّةَ، فَقَالُوا: كُلُّ قُوَّةٍ مُمَيِّزَةٍ خَاصَّةٍ بِالْإِنْسَانِ فَهِيَ قُوَّةٌ نَاطِقَةٌ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ فِي الْإِنْسَانِ قُوَّةٌ أُخْرَى مُمَيِّزَةٌ خَاصَّةٌ بِهِ، وَلَيْسَتْ النَّاطِقَةَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ هَذِهِ مَوْجُودَةٌ فِي الْإِنْسَانِ لَهَا آلَةٌ جُسْمَانِيَّةٌ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ قُوَى النَّفْسِ فَهَذِهِ إذَنْ يَجِبُ النَّظَرُ فِي آلَتِهَا الدِّمَاغِ أَوْ الْقَلْبِ، فَأَمَّا الْقُوَّةُ النَّاطِقَةُ الَّتِي سَمَّوْهَا عَقْلًا، فَلَيْسَتْ قُوَّةً فِي جِسْمٍ أَصْلًا، وَلَا هِيَ جِسْمٌ، وَلَا لَهَا آلَةٌ جُسْمَانِيَّةٌ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَمْيِيزَيْهِمَا: أَنَّ تَمْيِيزَ الْمُفَكِّرَةِ شَخْصِيٌّ؛ لِأَنَّهَا تُمَيِّزُ مَعْنَى الشَّيْءِ الْمُخَيَّلِ الْمُشَخَّصِ تَمْيِيزًا شَخْصِيًّا، فَهِيَ تَالِيَةٌ لِلْقُوَّةِ الْمُتَخَيِّلَةِ، كَمَا أَنَّ الْمُتَخَيِّلَةَ تَالِيَةٌ لِلْقُوَّةِ الْحِسِّيَّةِ، فَهِيَ إذَنْ أَكْثَرُ رُوحَانِيَّةً مِنْ التَّخَيُّلِيَّةِ، وَلِهَذَا اخْتَصَّتْ بِالْإِنْسَانِ، وَتَمْيِيزُ النَّاطِقَةِ كُلِّيٌّ وَهِيَ عَرِيَّةٌ مِنْ مُخَالَطَةِ الْجِسْمِ، وَلَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْقُوَى الْحَادِثَةِ الشَّخْصِيَّةِ فَافْتَرَقَا، وَلَيْسَتْ رُوحَانِيَّتُهَا كَذَلِكَ، فَلِذَلِكَ شَارَكَ فِيهَا الْإِنْسَانُ سَائِرَ الْحَيَوَانَاتِ. وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَاذَا؟ مَا لَوْ أُوضِحَ رَجُلٌ، فَذَهَبَ عَقْلُهُ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ يَلْزَمُهُ دِيَةُ الْعَقْلِ، وَأَرْشُ الْمُوضِحَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَتْلَفَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةً لَيْسَتْ فِي عُضْوِ الشَّجَّةِ تَبَعًا لَهَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنَّمَا

1 / 124