Badda Culum
بحر العلوم
اللَّهُ
، أي يقبله الله فيجازيكم به. وَتَزَوَّدُوا في سفركم للحج والعمرة ما تكفون به وجوهكم عن المسألة. فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى. قال مقاتل وذلك أن أناسًا من أهل اليمن كانوا يخرجون بغير زاد، ويصيبون من أهل الطريق ظلمًا، فنزلت في شأنهم وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى. وقال بعضهم: تزودوا لسفر الدنيا بالطعام، وتزودوا لسفر الآخرة بالتقوى فإن خير الزاد التقوى. ويقال خير الزاد التقوى، هو التوكل على الله وأن لا يؤذي أحدٌ لأجل الزاد والطعام. ثم قال: وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ، يعني اطيعوني يا ذوي الألباب أي العقول فيما أمرتكم به.
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وذلك أنهم كانوا إذا حجوا، كفوا عن التجارة وطلب المعيشة في الحج، فلم يشتروا ولم يبيعوا حتى تمضي أيام حجهم، فجعل الله تعالى لهم رخصة في ذلك فقال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ، أي لا مأثم عليكم أن تطلبوا رزقًا من ربكم من التجارة في أيام الحج. وقال مقاتل: سئل رسول الله ﷺ: عن سوق عكاظ وسوق منى وذي المجاز في الجاهلية كنا نقوم في التجارة قبل الحج وبعد الحج، فهل يصلح لنا البيع والشراء في أيام حجنا؟ فنزلت هذه الآية. ومعنى آخر: ما روي عن عبد الله بن عمر: أن رجلًا سأله فقال: إني رجل أكري الإبل إلى مكة أفيجزيني عن حجي؟ فقال: أولست تلبي، وتقف بعرفات وترمي الجمار؟ فقال: بلى فقال:
سأل رجل رسول الله ﷺ عن مثل ما سألتني، فلم يجبه حتى نزلت هذه الآية: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. وروي عن ابن عباس نحوه.
ثم قال تعالى: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ، يقول إذا رجعتم من عرفات بعد غروب الشمس فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ، يعني بالمزدلفة. وقال عطاء: إنما سميت عرفات، لأن جبريل كان يعلَّم إبراهيم- ﵇ أمور المناسك فكان يقول له: عرفت؟
فيقول: عرفت. فسميت عرفات. وقال ابن عباس: إنما سميت منى، لأن جبريل قال لآدم- ﵉: تمنَّ. قال: أتمنى الجنة. فسميت منى. قال: وإنما سمي الجمع جمعًا، لأنه اجتمع فيه آدم وحواء والجمع أيضًا: هو المزدلفة وهو المشعر الحرام.
ثم قال: وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ، يقول: اشكروا الله كما هداكم لدين الإسلام وَإِنْ كُنْتُمْ، أي وقد كنتم مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ عن الهدى، وكانت قريش لا تخرج من الحرم إلى عرفات، وكان الناس يقفن خارج الحرم من كان من أهل اليمن وغيرهم بعرفات، ويفيضون منها فأمر الله تعالى قريشًا أن يقفوا من حيث وقف الناس، ويفيضوا من حيث أفاض الناس فقال تعالى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ تعالى لذنوبكم في الموقف. إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ متجاوز عن ذنوبكم. فأمر النبيّ ﷺ أن يخرج بالناس جميعًا
1 / 133