177

أقول السالمي : والمراد بصرف اللفظ عن حقيقته هو أن يكون اللفظ موضوعا فيصرف عنه في الاستعمال بدليل، ويشمل ذلك المفرد إذا استعمل في غير ما وضع له كالأسد في الشجاع، وكالمطلق في المقيد، والعام إذا قصر على أفراده ونحو ذلك، فاستعمال اللفظ من مفرد وغيره فيما وضع له هو (الظاهر) وصرفه إلى غيره هو (التأويل).

والمراد بالقرينة هو الدليل الذي يصرف به الظاهر عن ظاهره؛ وهي إما:

عقلية : كما في قوله تعالى: { ولتصنع على عيني } فالعين حقيقة في الحاسة، لكن لما منع العقل من وجود هذه الصفة فيه تعالى حكمنا بأن المراد بالعين في الآية غير حقيقتها فقلنا: أنه أراد بالعين العلم أو الحفظ على سبيل التجوز.

وإما أن تكون القرينة مقالية: كما في قوله تعالى: { ليس كمثله شيء } فإن هذه الآية قرينة صارفة للآيات التي ظاهرها التجسيم عن ظاهرها.

وقد يكون التأويل قريبا فيكفى في صحته ووجوب قبوله أدنى مرجح، كما ذكرنا في تأويل العين بالعلم أو الحفظ لكونها طريقا إليهما، فإن هذا التأويل مجازي قريب لقوة العلاقة. وقد يكون بعيدا وبعده بحسب غموض العلاقة التي سوغت التجوز به، وبحسب ضعف القرينة التي لأجلها صرف اللفظ عن ظاهره فيحتاج إلى مرجح أقوى مما ترجح به التأويل القريب، وسيأتي مثال البعيد.

Bogga 210