باحثة البادية
باحثة البادية
تأليف
مي زيادة
مقدمة
لما اقترحت على كاتبة الفصول التالية
1
أن تتحف «المقتطف» بخلاصة ما كانت باحثة البادية تنادي به لم أنتظر أنها تعنى بقراءة كل ما كتبته الباحثة وما يضارعه مما كتبه قاسم بك أمين، وتعرض خلاصة ذلك للقراء على صورة تختلب الألباب بحسن بيانها وبديع انتساقها وقوة حجتها، وتكون نموذجا جديدا للنقد في العربية بالأسلوب الذي جرت عليه؛ فإنها مهدت لكل فصل من هذه الفصول وختمته وعلقت عليه من آرائها الخاصة وأقوال أئمة الكتاب بما يدل على واسع علمها وبعد نظرها، وعلى أنها جارت أكتب الكتاب الأوروبيين في هذا النوع من البحث والانتقاد. ولا أتذكر أنني رأيت حتى الساعة من ضارعها فيه من كتاب العربية ولا من فاقها من الأوروبيين. والظاهر أن هذا رأي كثيرين غيري، حتى اقترحوا عليها جمع هذه الفصول وطبعها على حدة، ففعلت وأضافت إليها كثيرا مما له علاقة بهذا الموضوع.
وبعد، فليس غرضي من هذه السطور التنويه بكاتبة هذا الكتاب؛ لأن القراء يعرفونها كما أعرفها، بل إبداء رأيي في كتاب أخرجته للناس ناظرا إليه من أربعة أوجه: وهي الأسلوب والإحاطة والتعليق واللغة. وسأكتفي بالإشارة الطفيفة إلى كل وجه منها، وإلا لزمني أن أنشئ على الكتاب كتابا أوسع منه إن استطعت. (1) الأسلوب:
أسلوب الكاتبة في هذه الفصول غاية في الإحكام؛ انظر إلى التمهيد الذي عقدت له الفصل الأول والثاني، فعرفت القراء بنفسها وبباحثة البادية وبما بينهما من الرابطة الأدبية. ثم تدرجت إلى التفصيل فوصفت وجه الباحثة وعقلها وأسلوبها في الكتابة. صورتها لعين القارئ كما كانت تراها بكل معانيها، حتى يحسب من يقرأ ما اقتبسته من أقوالها أنه يسمع شخصا يكلمه بصوته الحي ويعرف هويته وأمياله. وجرت على هذا الأسلوب في كل فصل من هذه الفصول؛ فإنها مهدت له تمهيدا فلسفيا حسب موضوعه؛ لتتدرج بالقارئ إليه وتعد انتباهه إلى ما فيه من رأي أو انتقاد أو نصح أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر. ثم نثرت أقوال الباحثة المرتبطة بموضوع ذلك الفصل وشرحتها وعلقت عليها ما يزيدها بيانا أو يزيل ما فيها من شبهة أو يخالفها فيما ترى مخالفتها فيه. ولما استطردت إلى المقابلة بينها وبين قاسم بك أمين، جرت على هذا الأسلوب عينه في الفصلين اللذين عقدتهما لذلك. ولعلها أنصفت قاسم بك أمين مثل أعز أصدقائه الذين كتبوا عنه. وما غرضها إلا إنصاف الموضوع الذي تكتب فيه والغاية التي ترمي إليها وهي إصلاح شأن المرأة. (2) الإحاطة:
Bog aan la aqoon