وقد تكلمت الباحثة عن الزواج خصوصا في فصل جعلت عنوانه «يا للنساء من الرجال ويا للرجال منهن!» ملقية الخطأ على الرجل وعلى المرأة ولا سيما على طريقة الزواج نفسها. وحصرت شقاء الزوجين وعدم الوفاق بينهما في الأسباب الآتية: (1)
جهل أحد الزوجين بالآخر. (2)
زواج مختلفي الطباع؛ كعالم وجاهلة وبالعكس، أو غني وفقيرة، ومختلفي الدين والبلد. (3)
الطمع في الغنى بغير نظر إلى الأخلاق. (4)
الزواج القسري. (5)
تأويل الدين الحنيف على غير ما أريد منه في أحكام الزواج والطلاق.
وهذه الأسباب كلها شعب لأصل واحد وهو عدم الحكمة. «فإذا روعيت شروط الحكمة فقل أن نرى هذا الشقاء المخيم على البيوت المصرية الهادم لمعنى الزوجية. وخير للفتاة والفتى أن يعيشا أعزبين من أن يتزوجا بثالث هو البؤس والعذاب.»
4
ثم أخذت بتفنيد صنوف شقائهما، فعددت عيوب المرأة الجاهلة كعدم الثقة بالزوج وتصديق وشايات صويحباتها وجاراتها به، والغيرة الشديدة على حاضره وماضيه جميعا، والتحزب لأقاربها وإفادتهم من مال زوجها ما استطاعت في حين أنها تبغض أهله وتسيء معاملتهم، والإثرة، والمباراة، والإسراف، والبطالة، والاهتمام بالزينة والزيارات، وإهمال الأولاد للخدم والمربيات، وتقليد الأجانب في اللباس والحركات بلا ترو، والثرثرة والتداخل بأمور الرجل. أي شيء لم تذكره؟! أي شيء لم تنتقده؟! إنها لم يفتها حتى ولا التدخين، ولا الضحك، ولا العبوسة. انتقدت كل ما استطاعت انتقاده في تلك الصفحات القلائل ثم وقفت طويلا عند سرعة غضب المرأة وتهديدها بالفراق فقالت:
كل شريكين قد يختلفان اختلافات بسيطة، ولكنهما لا يذيعانها، ومن أحق بكتمان السر من شريكي الحياة؛ أعني الزوجين؟! والحازم من لا يجعل للاختلاف الصغير محلا من اهتمامه بل يزيله بمجرد الفراغ من التكلم فيه. «بقيت لي كلمة عن هؤلاء اللاتي يغضبن ليقبضن ما يبقى لهن من الصداق عند أزواجهن، وهي عادة شائعة كثيرا عند بعض الطبقات. أما قبحها فجلي؛ لأن المرأة بذلك تبرهن على أنها تقدر النقود أكثر من الحياة والسعادة، وهذا جشع لا يليق إلا بالمرابين ومهووسي المال، والمرأة يجب أن تكون ملك اللطف ومثال الرقة والنزاهة. وبعضهن يتذرعن بالغضب والاحتماء بالأهل ليصالحن الرجل، والعادة أن يصالح الرجل زوجه بقطعة حلي وثياب كثيرة، فما أسخف هذه العقول! تفدي المرأة راحتها وهناءها وسعادة أولادها بذلك المتاع الفاني!» ... «والمنزل لا بهاء له إلا بالمرأة، كما أن قوامه الرجل، فترك المرأة بيتها يمسخ ذلك الهناء المرفرف عليه ويسبب حزن الأولاد وانقباضهم، كما أنه يتلف وتعبث به أيدي الخدم فيخسر الرجل خسارة مضاعفة.»
Bog aan la aqoon