Badhl
Badhl al-Maʿun fi Fadl al-Taʿun
Noocyada
ثم رد عليهم : بأن الأمر بترك القدوم عليه ، لو كان للخوف منه ، لجاز لأهل الموضع الذى وقع فيه أيضا الخروج منه ، للعلة المذكورة .
فلما منع أهل الموضع الذى وقع فيه الطاعون ل من الخروج منه ، تبت أن المعنى الذى من أجله منعوا من القدوم عليه غير المعنى الذى ذكروا . وهو عندنا - والله أعلم - على أن لا يقدم عليه رجل ، فيصيبه بتقدير الله عليه ، فيقول : لولا أنى قدمت هذه الأرض لما أصابنى . ولعله لو أقام في الموضع الذى كان فيه لآصابه ، فأمر أن لا يقدم عليه ، حسما للمادة وكذلك أمر أن لا يخرج من الأرض التى نزل بها ، لئلا يسلم فيقول : لو أقمت فى تلك الأرض لأصابنى ما أصاب أهلها ولعله لو كان أقام بها ما أضابه من ذلك شىء ، فأمر بترك القدوم على الطاعون ، للمعنى الذي وصفناه .
قلت . وهذا الذى ذكره الطحاوى بين في كلام أبى موسى كما تقدم لكن المانع عمم النهىي لمن اعتقد ذلك ولمن لم يعتقد حسما للمادة والمجيز نظر إلى المعنى الذى منع الخروج من أجله ، فخص المنع به . والأول أسعد بالعمل بالحديث.
والذى يظهر لى أن صنيع عمر رضى الله عنه ، برجوعه من أن يدخل البلد الذى وقع فيه الطاعون ، ليس من القرار فىي شىء ، وإنما هو بمنزلة من قصد دخول دار فرأى بها حريقا تعدر طفيه ، فعدل عن دخولها لئلا يضيبه ، فهو من باب اجتناب المهالك ، وهو مأمور به .
هذا الذى يظهر أنه جنح إليه عمر ومن وافقه ، قبل أن يبلغهم الحديث المرفوع ، فلما بلغهم جاء مطابقا لما اختاروه . فلاجل ذلك قال من قال: إنما رجع عمر لأجل حديث عبدالرحمن ، لا لأجل ما اقتضاه نظره . والحق أنه هم أن يرجع فلما بلغه الخبر استمر عزمه ، كما تقدم تقريره.
وأما الذين خالفوا رأى عمر فى / ذلك قبل أن يبلغهم الخبر فسلكوا سبيل التوثل ز المحض ، مع قطع النظر عن الأسباب ، وهو مقام شريف يناسب مرتبة خيار الصحابة ، ولهذا كان الكثير من المهاجرين والأنصار على هذا الرأى ، ولم يجنح إليه أحد من مشايخ قريش وإنما وافقهم عمر- وإن كان من كبار المهاجرين - لأنه غلب عليه النظر في مصالح المسلمين ، وذلك لا يتم إلا بالنظر فى الأسباب، والعمل بالراجح منها، مع اعتقاد أن الأمور كلها بقدير الله . وقد وزد فى ذلك حديث: واعقلها وتوكل ، أخرجه الترمدى وغيره ثم ساق الطحاوى من طريق زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : قال عمر رضى الله عنه : اللهم إن الناس تحلونى ثلاث خصال ، وأنا أبرا : إليك منهن ] زعموا أنى فررت من الطاعون ، وأنا أبرا إلينك من ذلك . . وذكر الطلاء والمكس ، وسنده صحيح . : قال : فدل على أن زجوعه كان لغير الفزار، وكذا كتابه إلى أبى عبيدة فيما أمره به من خروجه هو ومن معه من الجند ، إنما هو بمعنى التداوى بالانتقال من
أرض وخمة إلى أرض صحيحة ثم ساق قضة الغرنن ، وقال: كان خروجهم عن المدينة للعلاج لا للفرار، وهو واضح من قصتهم ، انتهى ملخصا وكذلك يحمل ما ورد عن عمر أنه ندم على رجوعه من سرغ ، وهو فيما أخرجه ابن أبى شيبة في امصنفهه قال: تنا محمد بن بشر. وقال إسحاق في ومسنده : أنبا أبو عامر العقدى . قالا : أنبا هشام بن سعد قال : حدثنى عرفة بن رويم ، عن القاسم ، عن عبد الله بن عمر قال : جتت عمر حين قدم الشام ، فوجدته قائلا في خبائه ، فانتظرته فى فء الخباء] ، فسمعته يقول حين تضور من نومة ، اللهم اغقر لى رجوعى من سرع وسنده حسن .
وقد قال الزركشى في والجزءة الذي جمعه في الطاعون ، تبعا لتاج الدين السبكى ، نقلا عن القرطبى في المفهم : لا يصح ندم عمر على رجوعه ، وكيف يندم على فعل ما) أمر به النبي ، ويرجع عنه ويستغفر منه] .
قلت : أقر التاج هذا ، وأما الزركشى فرته ، وقال: هذا إسناد
صحيح . قلت : وإنى لاتعجب من القرطبن ، كيف يرد الأخبار القوية بمثل هذا مع إمكان الجمع .
Bog aan la aqoon