طاف بي الدكتور ش - وهو رئيس الفلسفة وأستاذ لعلم النفس - على مدير الجامعة وعمدائها ومن كان من أساتذتها بنادي الأساتذة. وفي النادي جلسنا نحو ساعة هناك حيث شربنا القهوة وتحدث إلي الحاضرون وتحدثت إليهم، وكاد الحديث كله أن يكون عن الثورة المصرية ورجالها، وجعلت أشرح لهم بعض ما غمض عليهم من نواحيها.
الأحد 27 سبتمبر
ذهب أفراد الأسرة التي سكنت بمنزلها إلى الكنيسة، وبقيت وحدي، فجلست في الشرفة الخارجية أقرأ الجريدة المحلية الصباحية؛ ففي كولمبيا جريدتان أساسيتان: إحداهما تصدر في الصباح والأخرى في المساء، وجريدة الأحد ضخمة تبلغ حجم جريدة الأهرام نحو عشر مرات.
نظرة سريعة إلى هاتين الصحيفتين المحليتين كفيلة أن تدل على مدى اللون الإقليمي؛ فهي تعنى أولا بشئون الولاية - ولاية كارولاينا الجنوبية - وبعد ذلك تأتي شئون سائر الولايات وشئون العالم الخارجي.
كنت وأنا في مصر أضيق صدرا بالروح القبلية الشائعة في صحفنا حتى المهم منها، فتراها تخصص فراغا كبيرا لأخبار الأفراد: هذا سافر، وهذا تزوج، وذاك وافته منيته، وهؤلاء ارتقوا في مناصب الدولة ودرجاتها، وما إلى ذلك مما لم يكن ينبغي أن يشغل فراغا من صحيفة تعلو على أمثال هذه التوافه؛ فلما وجدت شيئا قريبا من هذا في الصحيفة المحلية هنا - وبالطبع ليس الأمر كذلك في صحيفة كبرى مثل نيويورك تايمز التي تصدر في نيويورك - أدركت أنه كلما ضاقت دائرة اهتمامات الناس في مجتمع ما؛ جاءت صحفهم ملونة بلون إقليمي محلي كأنها نشرات، أما إذا اتسع الأفق وارتفعت الثقافة؛ نشرت الصحف بالتالي شباكها حول العالم، وأهملت الصغائر من أخبار الأفراد.
فالناس هنا كما رأيتهم - من اللمحات السريعة التي أتيحت لي حتى الآن - يكادون يغلقون نوافذهم للعالم الخارجي، لا يعلمون عنه إلا القليل وأقل من القليل، بل لا يكادون يأبهون بما يجري في الولايات الأخرى البعيدة من الولايات المتحدة نفسها؛ وصحيفتاهم:
The State
الصباحية، و
Columbia Record
المسائية مرآة لهذا كله؛ فأهم للصحيفة وللناس أن تملأ صفحة بأسرها أو صفحات كاملة كل يوم بصور العرائس اللائي تمت خطبتهن أو تم زواجهن من أن تنشر أنباء الثورة المصرية مثلا على شيء - ولو قليل - من التفصيل.
Bog aan la aqoon