وأتخيل ألف ألف مرة كيف أنت تطرب، وكيف تشتاق، وكيف تحزن، وكيف تتغلب على عادي الانفعال برزانة وشهامة؛ لتستسلم ببسالة وحرارة إلى الانفعال النبيل؟ وسأتخيل ألف ألف مرة إلى أي درجة تستطيع أنت أن تقسو، وإلى أي درجة تستطيع أنت أن ترفق؛ لأعرف إلى أي درجة تستطيع أنت أن تحب!
وفي أعماق نفسي يتصاعد الشكر لك بخورا؛ لأنك أوحيت إلي ما عجز دونه الآخرون.
أتعلم ذلك، أنت الذي لا تعلم؟ أتعلم ذلك، أنت الذي لا أريد أن تعلم ...؟ •••
هناك في تلك الزاوية الضائفة، حيث أقام القدر من دواهيه على صدري جدران الحديد ومعاقل الرصاص، وهنالك قرب حلول الشفق، برزت فجأة أمامي، وأخذت تتكلم عن معان اختفت طي المعاني؛ وأشياء توارت في الأشياء، وممكنات حجبت في المستحيلات ... وكانت يدك تتحرك متريثة متأنية فبدت الإشارات سحرية ساهية، كأنما هي انعكاس إشارات خفية على المرايا المتبحرة في مهجور القصر، وضاء الجو حولي بلألاء الشرف والأبهة والسؤدد، ومشى نظرك توا إلي يكتشف في جديد العوالم!
نظرت فعلمتني إعزاز الوجود، وأدركت أني ما تخيلت أجلي عند حينه إلا لأتشدد وأتحفز لوثبة كبيرة، كما يتنفس المتسابقون منتعشين متجددين قبيل خطير الأشواط.
فارتدت الحوائط قليلا قليلا، وتنحت الحصون مسفرة عن المروج والرياض، واتشحت الكائنات بنقاب وسيم لا تنسجه سوى يد الوجود على زعيم المتيمين! ولكن، أنى جاء الوجد؟
أنت لم تكن تهتم بي وأنا لم أكن أهتم بك، ولكن علام تشل أوصال روحي للدنو من مكان حللته؟
وعلام اضطرابك وارتعاش يديك إذ تلمح خيالي عن بعد؟
أنت لم تكن تنظر إلي، وأنا لم أكن أنظر إليك، ولكن لماذا كانت تتبلبل خواطري، وأهرب عند قدومك؟
وأنت إن لم تستطع السكوت فلماذا يخرج صوتك متقطعا متهدجا كأنك تجاهد لتقهر تأثرا ما؟
Bog aan la aqoon