94

Atyaf Min Hayat May

أطياف من حياة مي

Noocyada

تعال - يا جبران - وزرنا في هذه المدينة (القاهرة)، فلماذا لا تأتي وأنت فتى هذه البلاد التي تناديك؟

تعال، فأشعة القمر تثير الرمل حول أبي الهول وتمرح في موج النيل.

تعال يا صديقي، تعال فالحياة قصيرة، وسهرة على النيل توازي عمرا حافلا بالمجد والثروة والحب!»

بهذه المناجاة العاطفية الرقيقة ختمت الآنسة مي هذه الرسالة الغرامية، ولكنها لم تكن خاتمة رسائلها؛ فقد استمرت الرسائل متبادلة بينهما إلى أن توفي جبران سنة 1931، وكان كل منهما يتمنى أن يرى الآخر، وأن يتبادلا لواعج الحب باللسان، وأن يتحدثا عن كثب بالقلب والوجدان، ولكن شاءت المقادير أن يتبادلا هذا الغرام القوي العميق على الأوراق. ولعل في ذلك كسبا للأدب، فقد سجلنا في الفصول التي نشرناها عن قصة الغرام بين «مي» وجبران ما يضيف إلى الأدب العربي ثروة نفيسة بما دبجاه من أسلوب أدبي جميل في معاني الحب وفلسفة الحب، وما خطر لكل منهما من خواطر نفسية وروحية، وما تملكهما من شعور عاطفي وصفاه بأفصح العبارات وأبلغ المعاني.

وإذا كانت الحياة الحب، والحب الحياة، فإن للحب في الأدب العربي وفي آداب الأمم الأخرى مكانة كبيرة، حتى كاد يكون بإنتاجه الغزير في الشعر والنثر والقصة الأساس الذي تقوم عليه هذه الآداب. (6) مي ولطفي السيد

كان لطفي السيد مولعا بالشعر والأدب العربي منذ كان طالبا في مدرسة الحقوق، وقد عني بالأدب بعد تخرجه من الحقوق وهو في النيابة، ثم وهو في المحاماة. وكثيرا ما كان يروي في مجالسه ألوانا من أشعار الحب وجمال الطبيعة والإنسان، ولقد حدثني صديقه المرحوم عبد العزيز فهمي باشا أنهما - وهما وكيلان لنيابة بني سويف - كانا في أوقات الفراغ يتطارحان الأشعار، قال عبد العزيز باشا: فكان لطفي ينشد عن ظهر قلب كثيرا من الأشعار القديمة، وعلى الأخص من شعر الغزل والحب، ومما هو باق في ذاكرتي من إنشاده قول مهيار الديلمي:

بعد أحبابي كساني الأرقا

مات صبري فلهم طول البقا

كنت بالشعب وكانوا جيرتي

فافترقنا والهوى ما افترقا

Bog aan la aqoon