93

Atyaf Min Hayat May

أطياف من حياة مي

Noocyada

أما اليد، فسأحيطها بإطار خفيف بسيط، لا يخفى من بياض لوحتها إلا اسمك واسمي؛ لأني لا أريد أن يعرفها غيري، ولأني أريد أن يكونا سري المكنون اللذيذ!

وستكون هذه اليد أبدا على منضدتي هذه لتحدثني عن الإخلاص بارتفاعها، وتدفئ روحي بصورة لهيبها.

محفظتي لي في النهاية، وقلمي لي، والمرأة والصورة كلاهما لي، فإذا بها جميعا الروح التي تحضنني وتحب!»

أرسلت «مي» هذه الرسالة في فبراير، ويظهر أنه شغل بمرضه وأعماله في نيويورك فلم يسرع بالرد عليها، فقلقت قلقا شديدا، وبعثت إليه برسالة أخرى في 11 مارس سنة 1925 قالت فيها:

صديقي جبران «لقد توزع في هذا المساء بريد أوروبا وأمريكا، وهو الثاني من نوعه في هذا الأسبوع، وقد فشل أملي في أن تصلني فيه كلمة منك، نعم إني تلقيت منك في الأسبوع الماضي بطاقة عليها وجه القديس يوحنا الجميل، ولكن هل تكفي الكلمة الواحدة على صورة تقوم مقام سكوت شهر كامل.

لا أريد أن تكتب إلي إلا عندما تشعر بحاجة إلى ذلك، أو عندما تنيلك الكتابة سرورا، ولكن أليس من الطبيعي أن أشرئب إلى أخبارك كلما دار موزع البريد على الصناديق يفرغ حقيبته؟

أيمكن أن أرى الطوابع البريدية من مختلف البلدان على الرسائل، حتى طوابع الولايات المتحدة، وعلى بعضها اسم نيويورك واضحا، ولا أذكر صديقي، ولا أصبو إلى مشاهدة خط يده ولمس قرطاسه؟!»

وبعد سطور أفضت إليه فيها بمكنون نفسها وصريح عواطفها، قالت في نهاية الرسالة: «ولتحمل إليك رقعتي هذه عواطفي، فتخفف من كآبتك إن كنت كئيبا وتواسيك إن كنت في حاجة إلى المواساة، ولتقوك إن كنت عاكفا على عمل، ولتزد في رغدك وانشراحك إذا كنت منشرحا سعيدا.» (5) ما أحلى اللقاء

وفي 11 نوفمبر سنة 1926 أرسلت «مي» إلى جبران هذه الرسالة ، وكان غرامها به قد بلغ ذروته، فقالت فيها بعد كلام غرامي طويل: «ما أحلى اللقاء بعد الفراق يا جبران! ما أحلاه على القرطاس خلال الألفاظ المتقطعة! إني ما زلت ألتقي بك في الضباب (تشير بذلك إلى رسالته السابقة التي بعثها إليها، وقال فيها: «أنا ضباب يا مي، أنا ضباب يغمر الأشياء»).

الضباب، عالمنا الذي منه كل شيء، وإليه كل شيء يرجع، ولكننا من روح وجسد، ولا بد أن تكون مسراتنا مزيجا من المحسوس وغير المحسوس؛ لذلك يروق لي أن ألتقي بك في الضباب وخارجا عنه!

Bog aan la aqoon