Saamaynta Carabta ee Ilbaxnimada Yurub
أثر العرب في الحضارة الأوروبية
Noocyada
وكان أكسينوفان
Xenphanes
يبشر بدين التوحيد، وينحى على تعديد الأرباب، وقد كان فيثاغوراس يؤمن كما يؤمن الهنود بتقمص الأرواح، وثنائية الخير والشر، والنور والظلام، ودورات الحياة والأزمان، ويرى أنه لا نجاة للمرء من دولاب الطبيعة الذي تقيده به تلك الدورات إلا بالرياضة والتقشف ، وخلوص النفس للمعرفة والحكمة، وكان نباتيا يحرم أكل اللحوم على طريقة البراهمة. وقد حذا حذوه في معظم آرائه إمبيدوقليس، ودخل من فلسفته الروحية في مذهب أفلاطون.
وليس أدل على الصبغة الشرقية في الفلسفة الإغريقية الأولى من غلبة علم الفلك والرياضيات على رواد هذه الفلسفة الآسيويين، ومن غلبة الصبغة الدينية على فيثاغوراس وأكسينوفان والمريدين لهذين الحكيمين، ومن عدد السبعة الذي أطلق على الحكماء السبعة السابقين، ومنهم تاليس وصولون؛ فإن المعارف الفلكية تقدمت في بابل ومصر قبل أن يتناولها الإغريق بألوف السنين، والجماعات الدينية السرية انتقلت من بلاد الكهانات القديمة إلى آسيا الصغرى وما يليها. وليس هذا كله مما يفهم منه أن السليقة الإغريقية هي التي ابتكرت البحوث الفلسفية، أو كانت هذه الفلسفة ملازمة لها في جميع العصور.
على أن المصادر الشرقية - ومنها التوراة وأقوال المصريين والبابليين - ظاهرة في أقدم المذاهب الإغريقية، وهو مذهب طاليس الذي لا يخلو مذهب فلسفي بعده من بعض آرائه؛ فهو - كما قال الشهرستاني - يرى «أن للعالم مبدعا لا تدرك صفته العقول من جهة جوهريته، وإنما يدرك من جهة آثاره، وهو الذي لا يعرف اسمه فضلا عن هويته إلا من نحو أفاعيله وإبداعه وتكوينه الأشياء؛ فلسنا ندرك له اسما من نحو ذاته، بل من نحو ذاتنا» ... إلى أن يقول: «ونقل عنه أن المبتدع الأول هو الماء ... والماء قابل لكل صورة، ومنه أبدع الجواهر كلها من السماء والأرض وما بينهما، وهو علة كل مبدع وكل مركب في العنصر الجسمان، فذكر أن من جمود الماء تكونت الأرض، ومن انحلاله تكون الهواء، ومن صفوة الماء تكونت النار، ومن الدخان تكونت السماء، ومن الاشتعال الحاصل من الأثير تكونت الكواكب ...»
قال الشهرستاني: «وفي التوراة في السفر الأول مبدأ الخلق هو جوهر خلقه الله تعالى، ثم نظر إليه نظر الهيبة فذابت أجزاؤه فصارت ماء، ثم ثار من الماء بخار مثل الدخان، فخلق منه السموات، وظهر على وجه الماء زبد مثل زبد البحر فخلق منه الأرض، ثم أرساها بالجبال. وكان ثاليس الملطي إنما تلقى مذهبه من هذه المشكاة النبوية ...» •••
أما حب العلم للعلم فشأن الإغريق فيه كشأن جميع الأمم والسلالات، وحسبك أنهم سموا علم الهندسة علم «قياس الأرض» بعد تقدمه وظهور تطبيقات له غير مساحة الأرض، وتقسيم المزارع والمروج. ولعل هذا مما يشير إلى الأصل الذي اقتبسوا منه معارفهم الهندسية؛ لأن المصريين كانوا يحتاجون إلى إعادة مسح الأرض بعد الفيضان، ولم تكن باليونان حاجة إلى المساحة والتقسيم كل عام.
وإنما جاء الفارق الظاهر في أسلوب الاشتغال بالعلوم من ضعف الكهانات في الأوطان الإغريقية، وقوتها في الأوطان الشرقية، فلما ابتدأ الإغريق بحوثهم مضوا فيها طلقاء من قيود الدولة والدين، وتيسر لهم ما تعذر على غيرهم لهذا الفارق العرضي، لا لفارق في تركيب العقول وعناصر التفكير.
وليس أصعب من إثبات السلالة الإغريقية الخالصة لجميع الفلاسفة الموزعين بين آسيا الصغرى وأرض يونان وجزر الأرخبيل وصقلية والإسكندرية وتراقية، وهي تشتمل على شتى الأجناس غير الإغريق.
ومن الواضح أن فيض البحوث الفلسفية عن الإغريق لم يكن ذلك الفيض الدافق العرم الذي يحطم القيود ويقتحم السدود؛ لأن سدا من أضعف السدود التي ابتليت بها الأمم الشرقية في تاريخها الطويل قد غيض ما فاض من قرائح اليونان في بضعة أجيال معدودات؛ فانقضى عصر الفلسفة اليونانية أمام صدمة مقدونية وأخرى رومانية، وعاش الإغريق بعد ذلك في بلادهم دون أن يظهر منهم فيلسوف واحد إلى هذه الأيام.
Bog aan la aqoon