. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وروى عبد الرزاق فى مسنده (١) أن النبى ﷺ قال: «إن الله خلق نور محمد قبل الأشياء من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله، ولم يكن فى ذلك الوقت لوح ولا قلم. .» الحديث بطوله.
واختلفوا فى أول المخلوقات بعد النور المحمدى، فقيل: العرش لما صحّ من قوله ﷺ: «قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة،
_________
= ولو اتفق مجيئه فى زمن آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وجب عليهم وعلى أممهم الإيمان به ﷺ ونصرته. وبذلك أخذ الله الميثاق عليهم. فنبوته ﷺ ورسالته إليهم معنى حاصل له، وإنما الأمر يتوقف على اجتماعهم معه، فتأخر الأمر راجع إلى وجودهم لا إلى عدم اتصافه بما يقتضيه. وفرق بين توقف الفعل على قبول المحلّ وتوقّف أهلية الفاعل، فهنا لا توقف من جهة الفاعل ولا من جهة ذات النبى ﷺ الشريفة، وإنما هو من جهة وجود العصر المشتمل عليه، فلو وجد فى عصرهم لزمهم اتباعه بلا شك، ولهذا يأتى عيسى ﵇ فى آخر الزمان على شريعته ﷺ وهو نبى كريم، لا كما يظنّ بعض الناس أنه يأتى واحدا من هذه الأمة، نعم هو واحد من هذه الأمة لما قلنا من اتباعه للنبى ﷺ، وإنما يحكم بشريعة نبينا محمد ﷺ بالقرآن والسنة، فكل ما فيهما من أمر ونهى فهو متعلق به كما يتعلق بسائر هذه الأمة، وهو نبى كريم على حاله لم ينقص منه شىء، ولذلك لو بعث النبى ﷺ فى زمانه أو زمان موسى وإبراهيم ونوح وآدم كانوا مستمرين على نبوتهم ورسالتهم إلى أممهم. والنبى ﷺ نبى الله ورسوله إلى جميعهم، فنبوته ورسالته أعم وأشمل وأعظم، ويتفق مع شرائعهم فى الأصول لأنها لا تختلف وتقدم شريعته فيما عساه يقع الاختلاف فيه من الفروع إما على سبيل التخصيص وإما على سبيل النسخ أو لا نسخ ولا تخصيص بل تكون شريعة النبى فى تلك الأوقات بالنسبة إلى تلك الأمم مما جاءت به أنبياؤهم، وفى هذا الوقت بالنسبة إلى هذه الأمة الشريفة، والأحكام تختلف باختلاف الأشخاص والأوقات. انتهى كلامه ﵀-أى: السبكى. (١/ ١٠٩،١١٠) قلت: وقد أورد الصالحى حديثا عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: «ما بعث الله تعالى نبيا قط إلا أخذ عليه العهد: لئن بعث محمد ﷺ وهو حىّ ليؤمننّ به ولينصرنّه، أمره بأخذ الميثاق على أمته إن بعث محمد ﷺ وهم أحياء ليؤمننّ به ولينصرنه» وقال: رواه البخارى فى صحيحه كما نقله الزركشى فى شرح البردة، والحافظ ابن كثير فى تاريخه، وأول كتابه جامع المسانيد، والحافظ فى الفتح فى باب حديث الخضر مع موسى ولم أظفر به فيه، ورواه ابن عساكر بنحوه. اه، وانظر: «سبل الهدى والرشاد» (١/ ١٠٨،١٠٩، ١١٠).
(١) الحديث غير موجود بالمصنف لعبد الرزاق، ومسنده مفقود فيما أعلم.
1 / 36