288

Arbacun Hadithan

الاربعون حديثا

Noocyada

الاربعون حديثا :292

واما من الناحية العملية فلا بد من كف النفس عن هذه المعصية لبعض الوقت مهما كان صعبا ، ولجم اللسان ، والمراقبة الكاملة للنفس ، ومعاهدة النفس بعدم اقتراف هذه الخطيئة ، ومراقبتها والحفاظ عليها ومحاسبتها . حيث يمكن أن يتم اصلاح النفس بعد مضي فترة قصيرة بمشيئته تعالى ، وتستأصل مادة هذا الفساد ، ويسهل عليك الامر قليلا قليلا . وبعد فترة تحس بأنك تتنفر منها بحسب طبيعتك وتنزجر عنها . ثم تكون راحة النفس ومتعتها في ترك هذه العصية .

فصل: الاولى ترك الغيبة في الموارد الجائزة

اعلم بأن العلماء والفقهاء رضوان الله عليهم استثنوا مواردا من حرمة الغيبة تبلغ في كلمات بعضهم العشرة ولسنا بصدد عرضها وتعدادها ، حتى لا تكون هذه الصفحات ساحة لبيان الابحاث الفقهية . والذي يجب ان نذكره هنا هو أن على الانسان ان لا يعيش حالة الاطمئنان أبدا من مكائد النفس ، بل يجب ان يتحرك في منتهى الحذر والاحتياط ، ولا يكون في صدد التبرير لغيبته بالأعذار بأن يقول ان هذا المورد هومن الموارد المستثناة فيسمح لنفسه بالبحث عن عيوب الناس وإشاعتها في المجتمع .

ان مكائد النفس بالغة الدقة ، فيمكن ان تخدع الانسان عن طريق الشرع ، وتزجه في مهلكة . فمثلا إن غيبة المتجاهر بالفسق جائزة ، واذا توقف ردعه بعض الاحيان على استغابته وجبت غيبته من باب النهي عن المنكر ، ولكن يجب ان يتأمل الانسان بأن الدافع النفسي لغيبته هو الداعي الشرعي الالهي النهي عن المنكر او ان الباعث ، اهواء شيطانية ، ورغبة نفسانية العداوة والتشفي و... فإن كان الهدف الدافع الالهي النهي عن المنكر كان عمله من العبادات ، بل كانت غيبته هذه بنية اصلاح المتجاهر بالفسق ، والإساءة اليه من اوضح مصاديق الاحسان والانعام اليه ، وان لم يشعر المغتاب بذلك . ولكن اذا كان قصده مشوبا بالفساد والميول النفسانية ، فلا بد من تخليص النية من غير الدافع الالهي والصفح عن اعراض الناس وحرماتهم مع عدم هدف صحيح .

بل إن تعويد النفس على الغيبة في الاحوال الجائزة ، تضر بحاله ايضا . لأن النفس تميل نحو الشرور والقبائح ، فمن المحتمل أن ينجر رويدا رويدا من الموارد الجائزة الى مرحلة اخرى وهي الموارد المحرمة . كما أن الدخول في الشبهات غير محمود ، رغم جوازه ، لأنها حمى المحرمات ومن الممكن ان الاقتحام في الحمى يفضي الى الدخول في المحرمات . يجب على الانسان مهما أمكن ان يبعد النفس عن الغيبة في الاحوال المسموحة ، ويحترز عن الاربعون حديثا :293

Bogga 292