النبي ﷺ لما سئل عن بئر بضاعة - وهي بئر يلقى فيها الحيض وعذرة الناس -: "الماء طهور لا ينجسه شيء" ١.
فمن ترك هذا المحكم وأفتى بنجاسته معللا بنهيه عن البول فيه، قد ترك المحكم واتبع المتشابه، ووقع في القول بلا علم لأنه لا يجزم بأن النبي ﷺ أراد نجاسة الماء لما نهى عن البول فيه، وإنما غاية ما عنده الظن. فإن قدرنا أن هذا لا يدخل في العموم الذي ذكرنا وتكلم فيه بالقياس فقد خالف قوله: ﴿لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾ ٢ وإن يعلل بقوله: لا يبين لي دخوله في العموم، وأخاف لأجل النهي عن نجاسته، قيل: لك مندوحة عن القول بلا علم; وهو إلحاقه بالمتشابهات، ولا تزعم أن الله شرع نجاسته وحرم شربه.
ومن ذلك فضل طهور المرأة زعم بعضهم أنه لا يرفع الحدث، وولد عليها ٣ من المسائل ما يشغل الإنسان ويعذب الحيوان; وقال كثير من أهل العلم أو أكثرهم: إنه مطهر رافع، فإن لم يصح الحديث فيه فلا كلام كما ذكر البخاري وغيره، وإن قلنا بصحة الحديث فنقول في صحيح مسلم حديث أصح منه أن النبي ﷺ "توضأ واغتسل بفضل ميمونة" ٤، وهو داخل في قوله: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ ٥ قطعا، وداخل في قوله: "الماء طهور لا ينجسه شيء" ٦. وإنما نهى الرجال عن استعماله نهي
_________
١ الترمذي: الطهارة (٦٦)، والنسائي: المياه (٣٢٦)، وأبو داود: الطهارة (٦٦)، وأحمد (٣/١٥،٣/٣١،٣/٨٦) .
٢ سورة المائدة آية: ١٠١.
٣ في الدرر "وولدوا عليه".
٤ مسلم: الحيض (٣٢٣)، وأحمد (١/٣٦٦) .
٥ سورة النساء آية: ٤٣.
٦ الترمذي: الطهارة (٦٦)، والنسائي: المياه (٣٢٦)، وأبو داود: الطهارة (٦٦)، وأحمد (٣/١٥،٣/٣١،٣/٨٦) .
1 / 7