التي هي غاية كمال النفس الناطقة مع خفائه عن ادراك الحواس، فبعد عن الاشتراك بالرياء، فاجتمع فيه ما تفرق في غيره من الكمالات ففضل على غيره.
واما الحج والعمرة فلهما تعلق بالزمان والمكان، فتقدمهما على الزمان غير جائز إجماعا، وهل المكان كذلك؟ الأقرب نعم، فلا يجوز تقديم الإحرام على الميقات اقتراحا على الأصح. وهل يجوز لنا ذره؟ قيل: نعم، والأقرب المنع، إلا في الرجبية إذا خشي خروج الشهر قبل تلبسه باحرامها، للرواية.
وتجاوز الميقات بغير الإحرام لقاصد النسك عمدا موجب للعود اليه إجماعا، فإن تعذر فلا نسك له على الأقوى.
والجاهل والناسي يعودان، فان تعذر جاز الإحرام حيث يمكن على المشهور.
وللحرم حرمة متأكدة لوجوب قصده، وحرمة صيده، وقطع شجره، وأمن داخله، ومنعه من أهل الكفر دخولا ودفنا، وتحريم لقطته، والتغليظ على القاتل فيه وتضعيف آجر العابد فيه، ووجوب استقباله في الصلاة والدفن.
وفي سقوط الهدي عن أهله لو تمتعوا قولان، حتى قيل: ان مكة أشرف بقاع الأرض، لاختصاصها بالبيت الحرام المأمور بتقبيل أركانه واستلامها، وأنها حرم الله وحرم رسوله وابتداء الوحي والإسلام فيها، وبها ولد سيد البشر (صلى الله عليه وآله)، والوصي، وعدم صحة دخولها بغير إحرام، وتحريم القتال فيها، واجتماع الناس والملائكة فيها في كل عام، وأن كل ظلم فيها الحاد حتى شتم الخادم، والطاعم فيها كالصائم في غيرها.
وقيل بل المدينة، لاستواء الإسلام وظهوره فيها، ولأمر الله نبيه بالمهاجرة إليها، وأوجبه على الكل. وكانت محل نصره، ومدفنه، ومحل أمره وعلو كلمته، ومجتمع أهل الصلاح، ومقام الأئمة، وأحب البقاع الى الله بالحديث. ونص على أفضلية الصبر على شدتها ولأوائها، وما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة.
Bogga 93