اجتمع في الحجر عبد الله، ومصعب، وعروة - بنو الزبير - وابن عمر، فقال ابن عمر: تمنوا، فقال ابن الزبير: أتمنى الخلافة، وقال عروة: أتمنى أن يؤخذ عني العلم، وقال مصعب: أتمنى إمرة العراق، والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين. فقال ابن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة. قال أبو الزناد: فنالوا ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غفر له (4/141).
من زهد عبد الله - رضي الله عنه -:
قال قزعة: رأيت على ابن عمر ثيابا خشنة أو جشنة، فقلت له: إني قد أتيتك بثوب لين مما يصنع بخراسان، وتقر عيناي أن أره عليك.قال: أرنيه، فلمسه، وقال: أحرير هذا؟ قلت: لا، إنه من قطن. قال: أخاف أن أكون مختالا فخورا، والله لا يحب كل مختال فخور.
قال الذهبي: كل لباس أوجد في المرء خيلاء وفخرا فتركه متعين ولو كان من غير ذهب ولا حرير. فإنا نرى الشاب يلبس الفرجية(1) الصوف بفرو من أثمان أربع مائة درهم ونحوها، والكبر والخيلاء على مشيته ظاهر، فإن نصحته ولمته برفق كابر، وقال: ما في خيلاء ولا فخر. وهذا السيد ابن عمر يخاف على نفسه. وكذلك ترى الفقيه المترف إذا ليم في تفصيل فرجية تحت كعبيه وقيل له: قال النبي ^: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار"، يقول: إنما قال هذا فيمن جر إزاره خيلاء، وأنا لا أفعل خيلاء. فتراه يكابر، ويبرئ نفسه الحمقاء، ويعمد إلى نص مستق عام فيخصه بحديث آخر مستقل في بمعنى الخيلاء، ويترخص بقول الصديق: إنه يا رسول الله يسترخي إزاري، فقال: "لست ممن يفعله خيلاء". فقلنا: أبو بكر - رضي الله عنه - لم يكن يشد إزاره مسدولا على كعبيه أولا، بل كان يشده فوق الكعب، ثم فيما بعد يسترخي.. (3/232-234).
ما يشتكيه عبد الله بن مسعود :
Bogga 27