أنيس الفضلاء
من سير أعلام النبلاء
فوائد - وطرائف - ونكت - وأخبار
جمع وترتيب
أبي رملة محمد المنصور بن إبراهيم
بسم الله الرحمن الرحيم
جميع الحقوق محفوظة للمؤلف
الطبعة الأولى 1428ه/2007م
ISBN 978 - 2076 - 28 - 7
لإبداء ملحوظاتك يمكنك الاتصال بالباحث عن طريق الهاتف النقال على الرقم الآتي:
+234 803 507 5754
أو البريد الألكتروني الآتي:
الناشر
مركز الدراسات الإسلامية
جامعة عثمان بن فودي سكتو
نيجيريا
فهرس الموضوعات
المقدمة :............................................................. .............1
ترجمة موجزة لمؤلف سير أعلام النبلاء، وفيه مبحثان:............................5
المبحث الأول: التعريف بالعصر الذي عاش فيه:...............................
المبحث الثاني: حياته الشخصية والعلمية . وفيه سبعة مطالب:..................10
تفسير السلف لصفات الله تعالى :...............................................19
من أخبار القيامة:..................................................... ...........52
بين أهل السنة والمبتدعة:........................................................54
الشيعة والتشيع:....................................................... ..........67
الاعتزال والمعتزلة:................................................... ..........72
الإرجاء والمرجئة:..................................................... .........74
التصوف والصوفية:............................................................76
مسائل في طلب العلم وأخبار العلماء............................................87
علم القراآت:.......................................................... .........96
Bogga 1
من أخبار أهل الحديث:.......................................................100 مسائل في علم المصطلح والجرح والتعديل:...................................113
فوائد في التصنيف والمصنفين:..............................................134
فوائد من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرته:..................146
العلماء والكتب:..........................................................156
علم الفقه وأصوله:......................................................162
أخبار القضاة والمفتين:..................................................172
من أخلاق العلماء :.....................................................178
تنافس الأقران من العلماء:..............................................196
الاعتذار عن أفاضل العلماء:............................................201
من أخبار الملوك والحكام:...............................................215
بين العلماء والحكام:....................................................226
أخبار الفتوح والغزوات وحكايات الأقوياء والشجعان:..............241
حكايات الصالحين والعباد:...........................................248
طرائف من أخبار الأذكياء والظرفاء:..................................269
من نكت العميان:....................................................283
وصايا ونصائح وحكم ومواعظ:.....................................293
كرامات الأولياء ومخاريق الشياطين: .................................308
غرائب الأخبار:.....................................................318
مصارع العشاق:.....................................................325
طرائف من الشعر وأخبار الشعراء:.................................330
Bogga 2
الأوائل والأواخر:......................................................346 وصايا المحتضرين:.....................................................353
فوائد متنوعة:..........................................................360
من ذاكرة التاريخ:......................................................374
فهرس المصادر والمراجع:............................................379
الفهرس الشامل للمواضيع والفوائد:................................385
المقدمة
...يعتبر كتاب سير أعلام النبلاء للحافظ شمس الدين الذهبي من أحسن كتب السير والتراجم، وذلك لشموليته وعمومه، فهو ليس ككتاب الحلية لأبي نعيم الذي يختص بالأولياء والصالحين، وليس كثقات العجلي أو ثقات ابن حبان، ولا ككتاب الكامل في الضعفاء للعقيلي أو مثيله لابن عدي، فهذه كتب مختصة بتراجم رواة الأحاديث. ولا هو مثل كتاب الطبري "تاريخ الرسل والملوك" أو كتاب "البداية والنهاية" لابن كثير، فإنهما عنيا بسرد الحوادث على ترتيب السنين. ولكنه كتاب عام في التاريخ والسير، وفيه من أخبار الصالحين والطالحين، والزهاد والعباد، والملوك والفقراء، والعلماء وغير العلماء، والرؤساء والمرؤوسين. وفيه من مباحث المصطلح والجرح والتعديل، والعقائد والفرق، والتصوف والسلوك، والفقه والأصول، وغير ذلك من المباحث الجليلة النافعة.
...ومما يرفع من قيمته ما فيه من تعليقات نفيسة قيمة عقب بها المصنف على كثير من السنن المروية والأقوال المأثورة، تصحيحا وتصويبا، وتحقيقا ونقدا، وإضافة واستدراكا، وساق ذلك كله بأسلوبه العذب وعباراته السلسة، مما يدل على منزلته العلية في شتى العلوم ومختلف الفنون.
...
Bogga 3
وقد أشار الحافظ صلاح الدين ابن أيبك الصفدي (ت764ه) إلى مزية من مزايا كتب الذهبي وتتجلى بوضوح في السير، حيث قال: "وأعجبني ما يعانيه في تصانيفه من أنه لا يتعدى حديثا يورده حتى يبين ما فيه من ضعف متن أو ظلام إسناد أو طعن في رواته، وهذا لم أر غيره يراعي هذه الفائدة فيما يورده"(1).
...وثمة فائدة أخرى امتاز بها هذا الكتاب، وهي التزام المصنف للعدل والإنصاف في نقد الرجال وتقييمهم، والموازنة بين محاسن الرجل ومساوئه، وحسن الظن بالناس، والترضي والاستغفار لمن ظهرت الإساءة منه. وسيرى القارئ من النماذج والأمثلة لذلك ما يشفي صدره ويروي غليله في هذه الرسالة إن شاء الله.
...كان هذا الكتاب - سير أعلام النبلاء - هو أنيسي أيام الطلب في الجامعة الإسلامية بالمدينة، وكنت كلما مرت علي فائدة قيدتها، حتى اجتمع عندي من ذلك كراستان، وكان عدد من الزملاء الذين اطلعوا على هذا التقييد يشيرون بتأليف ذلك وتنسيقه، وإخراجه لكي تعم فائدته. ولكني اعتذرت لهم وقتئذ بأني إنما قيدته لنفسي، وأكثر ذلك إنما كان إشارة إلى مواضع هذه الفوائد لتسهيل الرجوع إليها. ولكنني الآن وبعد مضي أكثر من عقد من الزمان على ذلك بدا لي موافقة هؤلاء الإخوان، وذلك لتشهيذ الهمم إلى قراءة أصل الكتاب الذي يعتبر في رأيي من أهم الأصول التي ينبغي اطلاع طلبة العلم عليها.
...فهذه خلاصة ما تم تقييده من فوائد السير، وقد حرصت على نقل تعليقات الذهبي كما هي، ورتبتها حسب المواضيع، وجعلت لها عناوين تيسر الوصول إلى ما فيها من الفقه، وحذفت منها عددا من الأخبار والآثار لكي يتناسب حجمه مع التلخيص المطلوب.
Bogga 4
...ثم أضفت إليه بعض الفوائد المنتقاة من الأجزاء الثلاثة الأولى من تاريخ الإسلام للمصنف، فإنه أشار إلى أن هذه الأجزاء الثلاثة التي تتضمن المغازي والسيرة النبوية وتاريخ عهد الخلفاء الراشدين مكملة للسير لأنه يبدأ من بعد عصر الخلفاء الأربعة، وتتمة العشرة المبشرين بالجنة.
...ثم ضممت إليه أيضا شيئا من فوائد كتاب نكث الهميان في نكت العميان لتلميذ المصنف صلاح الدين خليل ابن أيبك الصفدي وذلك في بعض الأبواب التي استحسنت إكمال الفائدة به، وأحلت إليهما في الحاشية. وأما السير فاكتفيت في الإحالة إليه بذكر الجزء والصفحة بعد النص المنقول مباشرة. وإذا تصرفت فيه بالاختصار ونحوه ذكرته في موضعه. ...
...ولم يخل الكتاب مع ذلك من فوائد أخرى أفدتها من كتب المصنف مثل "المنتقى من منهاج الاعتدال" و"ميزان الاعتدال في نقد الرجال" ومن غيرها مثل "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" للحافظ ابن عبد البر المالكي و"فتح الباري" للعلامة ابن حجر و"الفصل في الملل والأهواء والنحل" لأبي محمد ابن حزم وغيرها من الكتب، وأكثر ذلك إنما ترد الفائدة منه تعليقا في الحاشية.
والله المسؤول أن يتقبله ويجعل له القبول بين طلبة العلم وينفع به أكثر مما نفع بأصله، إنه سميع مجيب.
أبو رملة/محمد المنصور بن إبراهيم
مدينة سكتو، نيجيريا
الخامس من شهر جمادى الأولى، عام 1425ه
- - -
ترجمة موجزة لمؤلف سير أعلام النبلاء
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: التعريف بالعصر الذي عاش فيه.وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: الحالة السياسية:
نشأ الإمام الذهبي (673ه - 748ه) في عصر كثرت فيه الأحداث والصراعات الفكرية والسياسية، وتميزت تلك المرحلة بالعديد من السلبيات. منها على سبيل الإيجاز ما يلي:-
أولا: الحروب الصليبية (490ه - 690ه) .
Bogga 5
بدأت الحروب الصليبية في أواخر القرن الخامس الهجري، ودامت قرنين من الزمان، أنهكت جميع قوى الإسلام السياسية، وصيرت البلاد الإسلامية ممالك صغيرة تحت أمراء ضعفاء حتى استعان بعضهم بأعداء الإسلام من الصليبيين والتتار، ناهيك عن الخيانات التي قام بها الفاطميون بانحيازهم للصليبيين.(1)
ثانيا: سقوط الخلافة العباسية على يد التتار عام 656ه .
لقد تم إنهاء الخلافة وسقطت بغداد على يد هولاكو خان بالتآمر مع ابن العلقمي الرافضي الذي خان المعتصم بالله وطمع التتار في الاستيلاء على العراق انتقاما من أهل السنة والجماعة، وقتل ببغداد يومئذ أكثر من ألف ألف، حتى جرت السيول من الدماء.(2)
...ثم تشوف هولاكو إلى الشام ومصر، وتمت سيطرته عليها ثم على حلب ودمشق، وملك العراقين وخراسان. حينئذ دخل العالم الإسلامي في حالة من الفوضى التي يرثى لها.(3)
المطلب الثاني: الحالة الاجتماعية .
لا شك أن الحوادث التي تقدم ذكرها قد تركت آثارا ظاهرة على حياة الأمة الإسلامية، وخلف دخول التتار على البلاد الإسلامية من التقاليد والعادات ما جعل من المجتمع الإسلامي مجتمعا منحلا انتشرت فيه المعاصي والمنكرات من البغاء والرشوة والحيل في المعاملات وغيرها.
وقد دفع ذلك بالعلماء العاملين والدعاة المخلصين إلى القيام بدور بارز في محاربة تلك الظواهر الاجتماعية الفاسدة عن طريق الوعظ والتدريس والتأليف وسائر وسائل الاصلاح الاجتماعي. ومن هؤلاء العلماء الأفذاذ الإمام شمس الدين الذهبي ورفقاؤه شيخ الإسلام ابن تيمية (ت728ه) وأبو الحجاج المزي (ت742ه) وعلم الدين البرزالي (ت739ه) وغيرهم من علماء ذلك العصر مثل النووي والعز ابن عبد السلام وابن دقيق العيد وعدد لا يحصى من العلماء كثرة.
المطلب الثالث: الحالة العلمية والفكرية .
Bogga 6
...كانت دمشق في نهاية القرن السابع الهجري ومطلع القرن الثامن قد أصبحت مركزا كبيرا من مراكز الحياة الفكرية، فيها من المدارس العامرة ودور الحديث والقرآن العدد الكثير. وكانت العناية بالعلوم الشرعية من التفسير والحديث والفقه والأصول هي السمة البارزة لهذا العصر. وظهرت فيه الموسوعات العلمية مثل بداية المجتهد لابن رشد (ت 595ه) وتفسير الفخر الرازي (ت 606ه) والمغني لابن قدامة المقدسي (ت 611ه) والكامل في التاريخ لابن الأثير (ت 630ه) والإحكام في أصول الأحكام للآمدي (630ه) والمجموع للنووي (ت 677ه) ومؤلفات ابن تيمية وتلاميذه ومعاصريه وهي كثيرة جدا.
...وشهدت دمشق كذلك في هذا العصر نزاعا مذهبيا وعقائديا حادا. وكان الحكام المماليك يتدخلون فيه في كثير من الأحيان، فيناصرون فئة على أخرى.(1) وكان الأيوبيون قبل ذلك قد عملوا على نشر المذهب الشافعي وعقيدة أبي الحسن الأشعري، حتى قال المقريزي: "وقد أخذ بها - يعني الأشعرية - جماهير أهل الأمصار الإسلامية، ومن خالف هذه العقيدة أريق دمه".(2) وكان النزاع بين الأشاعرة وبين الحنابلة نزاعا مضطرما، زاده اعتماد الحنابلة على النصوص في دراسة التوحيد واعتماد الأشاعرة على البرهان العقلي والأدلة المنطقية.
Bogga 7
...وإلى جانب ذلك كان الجهل والاعتقاد بالخرافات سائدا بين عوام المسلمين. وكان التصوف منتشرا في أرجاء البلاد انتشارا عظيما. وظهر بينهم كثير من المشعوذين الذين وجدوا اهتماما وتأييدا من قبل الحكام. وانتشر تقديس الأشياخ والاعتقاد فيهم، وطلب النذور عند قبورهم، بل كانوا يسجدون لبعض تلك القبور ويطلبون المغفرة من أصحابها.(1) والتف غالبية الرعاع من الناس حول المتصوفة مثل أحمد البدوي (ت 675ه) وإبراهيم الدسوقي (ت 676ه) وغيرهما للتبرك بهم والاهتداء بسيرهم.
...وعلى النقيض من ذلك كان الحنابلة يرفعون لواء الإصلاح والتجديد وقمع البدع والخرافات، والعودة إلى نهج السلف والتمسك بهديهم. وعلى رأسهم الإمام الذهبي ورفاقه الذين سبق ذكرهم.
...في ذلك الجو السياسي والعلمي والفكري نشأ وترعرع الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي.
المبحث الثاني: حياته الشخصية والعلمية. وفيه سبعة مطالب:
المطلب الأول: اسمه ومولده ونشأته .
هو الإمام الحافظ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي.
ولد في ربيع الآخر سنة 673ه بكفربطنا من غوطة دمشق، واهتم بدراسة القرآن بالقراآت العشرة وأتقنها قبل أن يبلغ العشرين من عمره. وعني بالحديث عناية فائقة، فسمع من جم غفير من المحدثين، ورحل داخل البلاد الشامية وخارجها، فسمع الحديث بدمشق، وبعلبك، وحمص، وحماه، وحلب، وطرابلس، ونابلس، والرملة، وبلبيس، والقاهرة، والإسكندرية، والقدس. وحج سنة 698ه فسمع من علماء الحجاز وغيرها.
Bogga 8
واحتوى معجم شيوخه على ألف وثلاثمائة شيخ.(1) واتصل الذهبي اتصالا وثيقا بثلاثة من شيوخ ذلك العصر, وهم: جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (654ه - 742ه)، وتقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم المعروف بابن تيمية الحراني (661ه - 728ه)، وعلم الدين أبو محمد القاسم بن محمد البرزالي (665ه - 739ه)، وأحبهم وترافق معهم طيلة حياته، وتأثر بهم تأثرا عظيما، لا سيما شيخ الإسلام ابن تيمية الذي قال عنه الذهبي: "وهو أكبر من أن ينبه مثلي على نعوته، فلو حلفت بين الركن والمقام لحلفت أني ما رأيت بعيني مثله، ولا والله رأى هو مثل نفسه في العلم"(2). وقد خالفه الذهبي مع ذلك في مسائل، وانتقده في بعض آرائه حتى أرسل إليه نصيحة مكتوبة في بعض ذلك.(3)
وقال عنه في تذكرة الحفاظ: "وقد انفرد بفتاوى نيل من عرضه لأجلها، وهي مغمورة في بحر علمه، فالله تعالى يسامحه ويرضى عنه، فما رأيت مثله، وكل أحد من الأمة فيؤخذ من قوله ويترك، فكان ماذا؟"(4).
المطلب الثاني: شمائله وأخلاقه .
قال تلميذه تقي الدين ابن رافع السلامي(ت774ه):
"كان خيرا، صالحا، متواضعا، حسن الخلق، حلو المحاضرة. غالب أوقاته في الجمع والاختصار والاشتغال بالعبادة. له ورد بالليل، وعنده مروءة وعصبية وكرم".
وقال الزركشي (ت794ه):
".. مع ما كان عليه من الزهد التام، والإيثار العام، والسبق إلى الخيرات، والرغبة بما هو آت".
المطلب الثالث: منزلته العلمية .
Bogga 9
اتفق علماء عصره على الاعتراف بفضله وبراعته وعلو منزلته في العلم إلى درجة أن الإمام الحافظ ابن حجر شرب ماء زمزم سائلا الله عز وجل أن يبلغه مرتبة الذهبي في الحفظ، وأن يبلغ فطنته.(1)
قال السيوطي في ذيل تذكرة الحفاظ: "والذي أقوله: إن المحدثين عيال الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على أربعة: المزي، والذهبي، والعراقي، وابن حجر".
وتاج الدين السبكي مع مخالفته للذهبي في عدد من المسائل ورده عليه إلا أنه لزم فيه الإنصاف حيث قال: "اشتمل عصرنا على أربعة من الحفاظ، بينهم عموم وخصوص: الذهبي والمزي والبرزالي والشيخ الإمام الوالد، لا خامس لهؤلاء في عصرهم.."(2)
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني نقلا عن البدر النابلسي في مشيخته: "كان علامة زمانه في الرجال وأحوالهم، حديد الفهم، ثاقب الذهن، وشهرته تغني عن الإطناب فيه"(3).
المطلب الرابع : مناصبه التدريسية.
Bogga 10
تولى الحافظ الذهبي منذ سنة 703ه الخطابة بمسجد كفر بطنا، وهي قرية بغوطة دمشق، وظل مقيما بها إلى سنة 718ه. وفي هذه السنة ولي مشيخة دار الحديث بتربة أم الصالح، وكانت من كبريات دور الحديث بدمشق آنذاك، وقد اتخذ من هذه المدرسة سكنا له إلى أن توفاه الله.
وتولى كذلك مشيخة الحديث بكبريات دور الحديث الدمشقية كدار الحديث العدوية، ، ودار الحديث الفاضلية، ودار الحديث الظاهرية، ودار الحديث التنكزية، ودار الحديث النفيسية التي تولى التدريس والإمامة بها بعد وفاة رفيقه علم الدين البرزالي عام 739ه.
المطلب الخامس: آثاره العلمية .
خلف الإمام الذهبي كما هائلا من الآثار العلمية، حتى قال الحافظ ابن حجر إنه أكثر أهل عصره تصنيفا(1).
وقال عن مؤلفاته:"ورغب الناس في تواليفه، ورحلوا إليه بسببها، وتداولوها قراءة ونسخا وسماعا"(2).
وقال الحسيني:"وقد سار بجملة منها الركبان في أقطار البلدان"(3).
وقد عدد مصنفاته الدكتور بشار عواد، ورتبها على حسب العلوم، فبلغت (215) مائتين وخمسة عشر مصنفا منها المختصرات والمنتقيات ومعجمات الشيوخ والمشيخات والأجزاء.(4)
المطلب السادس: عقيدته ومنهجه .
عرف الحافظ شمس الدين الذهبي بتعظيمه للأثر، واتباعه للسلف الصالح، وتقديمه للسنن على آراء الرجال. وقد اشتهر عنه قوله:
العلم قال الله قال رسوله * إن صح والإجماع فاجهد فيه
وحذار من نصب الخلاف جهالة * بين الرسول وبين رأي فقيه
فكان رحمه الله تعالى شديد التمسك بالسنة، كثير التحسر على انتشار البدع. وقد قال في ترجمة الحكيم الترمذي:
Bogga 11
تكلم في السلمي من أجل تأليفه كتاب"حقائق التفسير"، فيا ليته لم يؤلفه، فنعوذ بالله من الإشارات الحلاجية، والشطحات البسطامية، وتصوف الاتحادية، فواحزناه على غربة الإسلام والسنة، قال الله تعالى: ?وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله..? [الأنعام:153].(1)
وقال في ترجمة شيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي الأنصاري:
.. وما أحلى تصوف الصحابة والتابعين ! ما خاضوا في هذه الخطرات والوساوس، بل عبدوا الله، وذلوا له وتوكلوا عليه، وهم من خشيته مشفقون، ولأعدائه مجاهدون، وفي الطاعة مسارعون، وعن اللغو معرضون، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.(2)
وقد انتقد الذهبي من أجل ذلك من قبل بعض معاصريه من متعصبة الحنفية والشافعية، ومن بعض غلاة أهل التصوف، وليس ذلك بضاره شيئا إن شاء الله، فإنه ما سلم من الانتقاد أحد من الفضلاء تقريبا، وهذه سيرهم شاهدة على ذلك. ويكفي المرء لدينه أن يسعى في إرضاء ربه، ويبذل جهده في اتباع الحق. وقديما قالوا "رضى الناس غاية لا تدرك".
ومن ذا الذي ينجو من الناس سالما * ولو غاب عنهم بين حافيتي نسر
ويحسن أن نعامل الذهبي بما عامل به هو غيره من الناس، فقد حكى قول من ترك الأخذ عن العالم الجليل أحد قادة الصوفية الفضيل بن عياض رحمه الله، فكان من جملة تعليقاته على ذلك قوله:
إذا كان مثل كبراء السابقين الأولين قد تكلم فيهم الروافض والخوارج، ومثل الفضيل يتكلم فيه، فمن الذي يسلم من ألسنة الناس؟ لكن إذا ثبتت إمامة الرجل وفضله لم يضره ما قيل فيه، وإنما الكلام في العلماء مفتقر إلى وزن بالعدل والورع(3).
المطلب السابع: وفاته .
Bogga 12
أضر الذهبي في أخريات حياته، وما زال بصره ينقص قليلا قليلا إلى أن تكامل عدمه، وذلك قبل أربع سنين من وفاته أو أكثر بقليل. وتوفي ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة سنة 748ه في دمشق بالمدرسة المنسوبة لأم صالح في قاعة سكنه رحمه الله.
وقد حضر جنازته جم غفير من العلماء، كان من بينهم تاج الدين السبكي. ورثاه غير واحد من تلامذته منهم الصفدي والتاج السبكي.
ومما قاله الصفدي في رثائه(1):
أشمس الدين غبت وكل شمس * تغيب وغاب عنا نور فضلك
وكم ورخت أنت وفاة شخص * وما ورخت قط حياة مثلك
تفسير السلف لصفات الله تعالى
وموقفهم من علم الكلام :
قول الإمام مالك (93ه - 179ه) في الاستواء:
قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: الله في السماء، وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء (8/101).
وسأله رجل: كيف الاستواء؟ فأطرق، وأخذته الرحضاء، ثم رفع رأسه فقال: ?الرحمن على العرش استوى? كما وصف نفسه، ولا يقال له كيف؟ وكيف عنه مرفوع. وأنت صاحب بدعة فأخرجوه، فأخرج.(2)
قول أبي عبيد القاسم بن سلام (157ه - 224ه):
ذكر أبو عبيد أحاديث في باب الصفات فقال : هذه أحاديث صحاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض ، وهي عندنا حق لا نشك فيها، ولكن إذا قيل : كيف يضحك ؟ وكيف وضع قدمه ؟ قلنا : لا نفسر هذا ، ولا سمعنا أحدا يفسره .
Bogga 13
قال الذهبي : قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم، وما أبقوا ممكنا، وآيات الصفات وأحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها أصلا، وهي أهم الدين ، فلو كان تأويلها سائغا أو حتما لبادروا إليه، فعلم قطعا أن قراءتها وإمرارها على ما جاءت هو الحق ، لا تفسير لها غير ذلك ، فنؤمن بذلك ونسكت اقتداء بالسلف ، معتقدين أنها صفات لله تعالى استأثر الله بعلم حقائقها (يعني كيفيتها) وأنها لا تشبه صفات المخلوقين ، كما أن ذاته المقدسة لا تماثل المخلوقين. فالكتاب والسنة نطقا بها ، والرسول ^ بلغ ، وما تعرض لتأويل مع كون الباري قال :(لتبين للناس ما نزل إليهم) [النحل : 44]، فعلينا الإيمان والتسليم للنصوص، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم(10/505-506).
قول نعيم بن حماد (ت228ه):
قال الرمادي: سألت نعيم بن حماد عن قوله تعالى: (وهو معكم) [الحديد:4]، قال: معناه أنه لا يخفى عليه خافية بعلمه، ألا ترى قوله: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) الآية [المجادلة:7].
قال الذهبي في ترجمة قتيبة، وقد ذكر أنه على طريقة المثبتة وأن أخبار الصفات تمر ولا تتأول، قال:
وما أحسن قول نعيم بن حماد الذي سمعناه بأصح إسناد عن محمد ابن إسماعيل الترمذي أنه سمعه يقول: من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيها.
ثم قال: هذا الكلام حق، نعوذ بالله من التشبيه، ومن إنكار أحاديث الصفات، فما ينكر الثابت منها من فقه، وإنما بعد الإيمان بها هنا مقامان مذمومان:
...تأويلها وصرفها عن موضوع الخطاب، فما أولها السلف، ولا حرفوا ألفاظها عن مواضعها، بل آمنوا بها، وأمروها كما جاءت.
Bogga 14
...المقام الثاني: المبالغة في إثباتها، وتصورها من جنس صفات البشر، وتشكلها في الذهن، فهذا جهل وضلال، وإنما الصفة تابعة للموصوف، فإذا كان الموصوف عز وجل لم نره، ولا أخبرنا أحد أنه عاينه مع قوله لنا في تنزيله: (ليس كمثله شيء) [الشورى:11] فكيف بقي لأذهاننا مجال في إثبات كيفية الباري، تعالى الله عن ذلك، فكيف صفاته المقدسة، نقر بها ونعتقد أنها حق، ولا نمثلها أصلا ولا نتشكلها.
...(13/300-301) وراجع أيضا: (10/610-611).
- - -
قول إسحاق بن راهويه (160ه - 238ه):
قال حرب الكرماني : قلت لإسحاق : (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) [المجادلة : 7] كيف تقول فيه ؟ قال : حيثما كنت فهو أقرب إليك من حبل الوريد ، وهو بائن من خلقه ، وأبين شيء في ذلك قوله: (الرحمن على العرش استوى) [طه :5].
وقال إسحاق بن راهويه : إجماع أهل العلم أنه تعالى على العرش استوى ، ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة .
وورد عن إسحاق أن بعض المتكلمين قال له : كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء . فقال : آمنت برب يفعل ما يشاء . (11/370)
قال الذهبي : هذه الصفات من الاستواء والإتيان والنزول قد صحت بها النصوص ، ونقلها الخلف عن السلف ، ولم يتعرضوا لها برد ولا تأويل ، بل أنكروا على من تأولها مع إصفاقهم (اجتماعهم) على أنها لا تشبه نعوت المخلوقين ، وأن الله ليس كمثله شيء ، ولا تنبغي المناظرة ولا التنازع فيها ، فإن في ذلك محاولة للرد على الله ورسوله، أو حوما على التكييف أو التعطيل (11/376).
قول أبي سعيد الدارمي (ت280ه):
قال الإمام أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي: اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالى فوق عرشه، فوق سماواته.
Bogga 15
قال الذهبي: أوضح شيء في هذا الباب قوله عز وجل :(الرحمن على العرش استوى)[طه:5]. فليمر كما جاء، كما هو معلوم من مذهب السلف، وينهى الشخص عن المراقبة والجدال، وتأويلات المعتزلة، (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول)[آل عمران:53].
قول الخطيب البغدادي (392ه - 463ه):
قال الحافظ أبوبكر الخطيب : أما الكلام في الصفات ، فإن ما روي منها في السنن الصحاح مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها. وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله ، وحققها قوم من المثبتين فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف . والقصد إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين ، ودين الله تعالى بين الغالي فيه والمقصر عنه . والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات ، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله . فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية ، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف .
...فإذا قلنا : لله يد وسمع وبصر ، فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه ، ولا نقول : إن معنى اليد القدرة ، ولا إن معنى السمع والبصر العلم ، ولا نقول إنها جوارح ، ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل ، ونقول : إنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها ، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله :(ليس كمثله شيء) [الشورى:11] (ولم يكن له كفؤا أحدا) [الإخلاص:4]. (18/287-288).
السلف يكرهون الكلام والجدل :
قال عبد الله بن أحمد : مات أبوبكر الأعين في سنة 240ه فترحم عليه أبي ، وقال : إني لأغبطه ، مات وما يعرف إلا الحديث. لم يكن صاحب كلام.
قال الذهبي : هكذا كان السلف لا يرون الدخول في الكلام ولا الجدال، بل يستفرغون وسعهم في الكتاب والسنة والتفقه فيهما، ويتبعون ولا يتنطعون (12/120).
فتوى ابن الصلاح في الفلسفة والمنطق:
Bogga 16
سئل الحافظ تقي الدين ابن الصلاح الشهرزوري عن الفلسفة والمنطق، فقال: الفلسفة أس السفه والانحلال، ومادة الحيرة والضلال، ومثار الزيغ والزندقة. ومن تفلسف عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالبراهين، من تلبس بها قارنه الخذلان والحرمان، واستحوذ عليه الشيطان، وأظلم قلبه عن نبوة محمد ^.. واستعمال الاصطلاحات المنطقية في مباحث الأحكام الشرعية من المنكرات المستبشعة، والرقاعات المستحدثة. وليس بالأحكام الشرعية - ولله الحمد - افتقار إلى المنطق أصلا، هو قعاقع قد أغنى الله عنها كل صحيح الذهن (23/143).
متى دخل علم الكلام في المغرب ؟
قال أبو علي الحسين ابن أبي حريصة : بلغني أن أبا ذر الهروي مات بمكة سنة 404ه وكان على مذهب مالك ومذهب الأشعري.
قال الذهبي : أخذ الكلام ورأي أبي الحسن - الأشعري - عن القاضي أبي بكر ابن الطيب ، وبث ذلك بمكة ، وحمله عنه المغاربة إلى المغرب والأندلس، وقبل ذلك كانت علماء المغرب لا يدخلون في الكلام ، بل يتقنون الفقه أو الحديث أو العربية ، ولا يخوضون في المعقولات . وعلى ذلك كان الأصيلي ، وأبو الوليد ابن الفرضي ، وأبو عمر الطلمنكي ، ومكي القيسي ، وأبو عمرو الداني ، وأبو عمر ابن عبد البر ، والعلماء(1) (17/557).
فتن جرت في تاريخ الأمة
وقوع الفتنة في الأمة - نعوذ بالله من الفتن :
...ذكر الذهبي في آخر ترجمة الحسن بن علي - رضي الله عنه - أن مروان منع من دفن الحسن مع جده ^، وقد أذنت بذلك عائشة رضي الله عنها، وكادت تكون فتنة لكن أطفأها الله بتدخل أبي هريرة - رضي الله عنه -.
Bogga 17
...ثم قال: أعاذنا الله من الفتن، ورضي الله عن جميع الصحابة، فترض عنهم يا شيعي تفلح، ولا تدخل بينهم، فالله حكم عدل يفعل فيهم سابق علمه، ورحمته وسعت كل شيء، وهو القائل: "إن رحمتي وسعت غضبي"(1) و(لا يسأل عما يفعل وهم يسألون). فنسأل الله أن يعفو عنا، وأن يثبتنا بالقول الثابت. آمين (3/279).
أصناف الناس بعد وقوع الفتنة:
* قال الذهبي في ترجمة الفقيه أبي سلمة الفأفاء (ت132ه): كان مرجئا ينال من علي - رضي الله عنه - . قتل في أواخر سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، وهو من عجائب الزمان ، كوفي ناصبي ، ويندر أن تجد كوفيا إلا هو يتشيع . ثم قال :
...وكان الناس في الصدر الأول بعد وقعة صفين على أقسام :
1- أهل سنة ، وهم أولوا العلم ، وهم محبون للصحابة ، كافون عن الخوض فيما شجر بينهم كسعد وابن عمر ومحمد بن مسلمة وأمم .
2- ثم شيعة يتوالون وينالون ممن حاربوا عليا ، ويقولون إنهم بغاة ظلمة .
3- ثم نواصب : وهم الذين حاربوا عليا يوم صفين ، ويقرون بإسلام علي وسابقيه ، ويقولون : خذل الخليفة عثمان.
...فما علمت في ذلك الزمان شيعيا كفر معاوية وحزبه ، ولا ناصبيا كفر عليا وحزبه ، بل دخلوا في سب وبغض . ثم صار اليوم شيعة زماننا يكفرون الصحابة ، ويبرؤون منهم جهلا وعدوانا ، ويتعدون إلى الصديق ، قاتلهم الله. وأما نواصب وقتنا فقليل ، وما علمت فيهم من يكفر عليا ولا صحابيا (5/374).
* وعن مطرف قال: قلت للزبير: ما جاء بكم؟ ضيعتم الخليفة حتى قتل، ثم جئتم تطلبون بدمه؟ قال: إنا كنا نقرأ على عهد رسول الله ^، وأبي بكر، وعمر، وعثمان: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) [الأنفال:25]، لم نكن نحسب أنا أهلها، حتى وقعت منا حيث وقعت (1/57).
Bogga 18
* وقال في ترجمة معاوية - رضي الله عنه - :
...وخلف معاوية خلق كثير يحبونه ويتغالون فيه ، ويفضلونه ، إما قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء ، وإما قد ولدوا في الشام على حبه وتربى أولادهم على ذلك . وفيهم جماعة يسيرة من الصحابة وعدد كثير من التابعين والفضلاء ، وحاربوا معه أهل العراق ونشؤوا على النصب ، نعوذ بالله من الهوى . كما نشأ جيش علي - رضي الله عنه - ورعيته - إلا الخوارج منهم - على حبه والقيام معه ، وبغض من بغى عليه ، والتبري منهم ، وغلا خلق منهم في التشيع .
...فبالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم لا يكاد يشاهد إلا غاليا في الحب مفرطا في البغض ؟ ومن أين يقع له الإنصاف والاعتدال ؟!
...فنحمد الله على العافية ، الذي أوجدنا في زمان قد انمحص فيه الحق ، واتضح من الطرفين ، وعرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين ، وتبصرنا ، فعذرنا واستغفرنا ، وأحببنا باقتصاد ، وترحمنا على البغاة بتأويل سائغ في الجملة ، أو بخطإ إن شاء الله مغفور ، وقلنا كما علمنا الله :(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ..) ، وترضينا أيضا عمن اعتزل الفريقين كسعد ابن أبي وقاص وابن عمر ومحمد بن مسلمة وسعيد بن زيد وخلق . وتبرأنا من الخوارج المارقين الذين حاربوا عليا وكفروا الفريقين . فالخوارج كلاب النار ، قد مرقوا من الدين ، ومع هذا فلا نقطع لهم بخلود النار كما نقطع به لعبدة الأصنام والصلبان (3/128).
* وقال يونس بن عبيد: إني أعدها نعمة الله أني لم أنشأ بالكوفة (6/294).
* وقال في ترجمة الحسن بن صالح الكوفي : هو من أئمة الإسلام لو لا تلبسه ببدعة. وكان يترك الجمعة ، ولا يراها خلف أئمة الجور بزعمه. ثم ذكر عن وكيع قوله : حسن بن صالح عندي إمام . فقيل له : إنه لا يترحم على عثمان . فقال : أفتترحم أنت على الحجاج ؟
Bogga 19
قال الذهبي : لا بارك الله في هذا المثال . ومراده : أن ترك الترحم سكوت ، والساكت لا ينسب إليه قول ، ولكن من سكت عن ترحم مثل الشهيد أمير المؤمنين عثمان ، فإن فيه شيئا من تشيع ، فمن نطق فيه بغض وتنقص وهو شيعي جلد يؤدب ، وإن ترقى إلى الشيخين بذم فهو رافضي خبيث ، وكذا من تعرض للإمام علي بذم فهو ناصبي يعزر، فإن كفره فهو خارجي مارق . بل سبيلنا نستغفر للكل ونحبهم، ونكف عما شجر بينهم (7/361-370بتصرف يسير).
* وفي ترجمة أبي حصين عثمان بن عاصم الكوفي ذكر الذهبي قوله : ما سمعنا بحديث "من كنت مولاه.." حتى جاء هذا - يعني أبا إسحاق - من خراسان فنعق به ، فاتبعه على ذلك ناس . فقال الذهبي : الحديث ثابت بلا ريب ، ولكن أبو حصين عثماني ، وهذا نادر في رجل كوفي (5/415).
موقف المسلم من المرويات في مثالب الصحابة:
* قال ابن المبارك : السيف الذي وقع بين الصحابة فتنة ، ولا أقول لأحد منهم هو مفتون (8/405).
* وقال شهاب بن خراش : أدركت من أدركت من صدر هذه الأمة وهم يقولون : اذكروا مجلس أصحاب رسول الله ^ ما تأتلف عليه القلوب، ولا تذكروا الذي شجر بينهم ، فتحرشوا عليهم الناس (8/285).
* وقال الذهبي رحمه الله في ترجمة الإمام الشافعي:
Bogga 20