طريقتي في الكتابة
أما طريقتي في الكتابة، فإني أبدأ المقال وفي ذهني جميع أصوله، و«نقطه» مرتبة على الجملة حسب التسلسل المنطقي، ولكني إذا مضيت في الكتابة عرضت لي حاشية من هنا، أو لمحة من هناك، تطرأ في عرض الكلام، ولا تغير شيئا من جوهر المقال إلا أن تزيده جلاء في بعض الأحيان، أو تضيف إليه عنصر الفكاهة والتبسيط.
وأكتب في كل مكان خلا من الضوضاء، أما إذا لم تقيدني الضرورة بمكان معين فأكثر ما أكتب وأنا مضطجع على الفراش، وثلاثة أرباع مقالاتي السياسية كتبت كذلك، هذا في النثر، أما الشعر فيغلب أن أنظمه وأنا أتمشى أو أسير في الخلاء. •••
ويهمني كثيرا أن أعود إلى كلامي قبل الطبع لأصححه وأراه في صورته الأخيرة، إلا أن يعوقني عن ذلك عائق ... ومتى نظرت فيه قبل تسليمه إلى المطبعة فقد أحذف وأزيد عليه، ويندر جدا أن يمس الحذف أو الزيادة جوهر الموضوع ...
وإذا شطبت على الكلمة أثناء الكتابة عنيت بأن أطمسها طمسا تاما كأنني لا أريد أن تتراءى لنظري بعد ذلك، ويكثر الشطب إذا كنت مشغول الذهن منحرف المزاج، ويقل إذا أقبلت على العمل بنفس راضية وجسم مستريح، أما زمان الكتابة فشرطي الوحيد فيه ألا يكون بعد تناول الطعام.
وخطتي في المناقشة أن أعمد إلى أقوى الحجج بداءة فأجتهد في تقويضها، ثم أقفوها بأضعف الحجج، وقد أعود إلى ما فيه مساك من القوة، وربما كانت في هذه الخطة مفاجأة للقارئ، ولكنها مفاجأة لا تخلو - كما شاهدت بالتجربة - من تأثيرها المحمود. •••
وأفضل الكتابة منفردا لا يحيط بي أحد، ولم أكتب قط في الأدب خاصة ومعي آخر في الحجرة، إلا أن أملي عليه ما أقول، وهو جد نادر.
ولم أتعود أن أستعين بشيء من المنبهات التي يألفها بعض الكتاب أثناء العمل كالتدخين وشرب القهوة وما إليها، حتى أيام كنت أدخن ... بل لقد كنت يومئذ أترك التدخين حين أشرع في الكتابة. (5) منهجي في تأليف الكتب
منهجي في التأليف يلخص في كلمتين، هما: التقسيم، والتنظيم، وهما - كما سيرى - تختلفان بعض الاختلاف عن منهج التبويب والترتيب.
فعملي الأول عند تأليف الكتاب أن أتبين في ذاكرتي أقسامه الواسعة التي تحيط بأجزائه المتفرقة، فإذا فرغت من الإحاطة بها كتبت عنوان كل قسم على غلاف متوسط الحجم يتسع لعدة أغلفة أصغر منه إذا وضعت فيه ...
Bog aan la aqoon