فإعجابي به هو الذي أعظم في نفسي الثقة بسعد زغلول يوم كان الفتيان من عمري كلهم أنصارا لمصطفى كامل وعبد العزيز جاويش، وأتباعا لهما في الحملة على سعد زغلول.
ولما اشتدت هذه الحملة ذهبت إلى سعد في ديوان المعارف لأستطلع رأيه، وأسمع حجته على حضور، وقلت في خطابي إنني أثق به لأنني أثق بأستاذه، ودخلت المكتب فاستقبلني واقفا، وأشار إلى كرسي أمامه فجلس وجلست، وسألني: «أعرفت الشيخ محمد عبده؟»، قلت: «نعم! ... قرأت رسائله وتفسيراته، وترجمة حياته.» قال: «أين؟ ... أفي الأزهر؟» قلت: «لا ... بل في أسوان، قدمني إليه أستاذي فناقشني في علومي المدرسية، وبعض الآراء العامة، ثم سمعت منه بشرى طيبة ...»
قال: «ماذا سمعت منه؟»
قلت: «التفت إلي الأستاذ، وقال وهو يربت على كتفي: ما أجدر هذا أن يكون كاتبا بعد!»
فتبسم الباشا وقال: «أرى أن نبوءة الإمام تتحقق.» واستطرد إلى كلام عن الشيخ يثني عليه.
وهكذا ترتسم لنا في بواكير الصبا مناهج السياسة التي نقاد بها، ونقود بها غيرنا مدى الحياة.
شيطنة التلاميذ
ولا أحسب أن أحدا يتكلم عن أساتذته إلا انتظر منه القارئ شيئا عن «شيطنة» التلاميذ مع الأساتذة.
وللقارئ حق ...
فما خلت قط علاقة تلميذ بأستاذ من تلك «الشيطنة»، ولم أكن أنا من أبطال «الشيطنة» المدرسية ... ولكنني كنت أستطيبها، وأشجع عليها حين تقع في موقعها، ولا أطيل في سرد النوادر، فهي كثيرة تكفي هنا واحدة منها على سبيل المثال ...
Bog aan la aqoon