74

Rajada iyo Utopiya

الأمل واليوتوبيا في فلسفة إرنست بلوخ

Noocyada

Kata ton dynaton . أما لينتز فيرجع إليه الفضل في صياغة هذه المسلمة: كل ما هو ممكن ينزع للوجود

Omne possibile existere

غير أن مقولة الإمكان في رأي بلوخ مقولة متعددة الطبقات والمستويات. ولعل من أهم فصول «مبدأ الأمل» وأشدها عمقا هو ذلك الفصل الذي يكشف فيه بلوخ عن طبقات مقولة الإمكان، فقد تتعلق هذه المقولة كما قال هولتس (أحد تلامذة بلوخ المباشرين) - بجهة الحكم - أي الفكر والتعبير - أو بجهة الوجود، ولكن ارتباطهما ليس عن طريق الصورة والأصل كما يظن الواقعيون وبعض الوضعيين التحليليين بحيث يكون الإمكان من جهة الحكم صورة للإمكان من جهة الوجود، بل إن العلاقة بين الفكر والوجود علاقة أعقد تشابكا، وتوجد مراحل متداخلة؛ إذ يمكن أن يبدو «المستحيل الواقعي» ممكنا من الناحية الفكرية، كما يحدث عندما نتخيل وجود حيوان خرافي كالتنين، أو عندما يتصور الجائع هبوط الحمام المشوي إلى فمه في أرض الأحلام.

34

وكما أن الجهة في القضية هي التعبير في الحكم عن مرتبته من حيث تقرير الوجود «أو الإمكان» أو الضرورة أو الامتناع، فالحكم إما أن يكون ضروريا، أي معبرا عن ضرورة الصلة بين الموضوع والمحمول، وإما أن يعبر عن أن هذه الصلة من الممكن وجودها بين كلا طرفي القضية ويمكن أن تكون الرابطة رابطة امتناع بمعنى أنه من المستحيل أن ينتسب المحمول إلى الموضوع.

35

ولكن العلاقة بين هذه الأقسام ليست علاقة حدية أو منفصلة، بل إن مقولة الإمكان علاقة متشابكة. ونظرا لتعقدها وتداخل مراحلها، فلا بد من تمييز الطبقات المختلفة لهذه المقولة الهامة والأساسية في نسق بلوخ الفلسفي، ولا بد من تمييزها بعضها عن بعض تمييزا دقيقا، إذا أردنا ألا يسير التفكير اليوتوبي سيرا عشوائيا على غير هدى، ولا بد كما يقول بلوخ أن يؤخذ الإمكان مأخذ الجد لأنه لو فقدت الموجودات - الواقعية والفكرية - صفة الإمكان لتوقفت الحياة نفسها وانتفى عنها التطور والصيرورة. والإنسان هو «كائن الممكن» الذي يحيط به الإمكان من كل ناحية، وربما يدل أيضا على أن انفتاحه على الممكن ليس أمرا تعسفيا يخضع لهواه، ولا هو شيء «غامض» يمكن أن يكون كل شيء أو أي شيء، وإنما يتضمن شروطا وقواعد تحميه من أن يتحول إلى مجرد لعب بالكلمات والأفكار. وما دام الإمكان مقولة، فيمكن تحديد طبقات هذه المقولة وشروطها التي تصونها من أن تكون نوعا من العبث أو الانسياق وراء الأحلام والأوهام. ويقسم بلوخ مقولة الإمكان إلى مستويات أو طبقات متعددة تعكس درجات المعرفة والإدراك، ولنبدأ بأول هذه الطبقات. (أ) الممكن الصوري أو الشكلي

The Formally possible

الممكن الصوري هو أول هذه الطبقات. وهو مجموعة من الكلمات يرتبط بعضها ببعض بشكل لا معنى له، لكنه بناءات أو تركيبات لغوية ممكنة على مستوى القول لكنها بغير معنى على الإطلاق مثل «شيء مستدير» أو «وإنسان ويكون» وغير ذلك من التركيبات الخالية من أي معنى، وبصرف النظر عن الحقيقة التي تعبر عنها هذه القضية، وربما تأتي تركيبات لغوية أخرى غير العبارات الحمقاء السابقة، فتأتي مضادة للمعقول أو لا معقولة، وإن كان من الصعب إدراك أي معنى لها مثل عبارة: «مربع دائري» أو تنطق بحكم مضاد للعقل مثل: «إنه يصعد على ظهر سفينة رحلت من قبل.» والاستحالة هنا مباشرة وواضحة، فالعبارة لا تخلو من المعنى، وإنما هي مضادة للمعنى ولقوانين العقل والمعقول. ولذلك يمكن التفكير فيها - إذ إن ما يدخل في علاقة مع غيره ممكن التفكير فيه - ولكن لا يمكن تحديد معنى معقول لها، ومن ثم يكون الإمكان هنا هو الإمكان الصوري أو الشكلي.

36

Bog aan la aqoon